أصر عبدالرحمن الذهيبان على أن يسلك طريق التجارة من نقطة الصفر على الرغم من كونه يتبع عائلة تجارية عريقة لها اسمها وبصماتها في عالم التجارة، حيث فضل خوض المغامرة متسلحاً بقوة عزيمته، والاستفادة من الخبرات والقبول بالمشاريع الصغيرة في مجال التقنية، إلى أن ساقه القدر بأن يقبل أن يكون مندوب مبيعات في شركة أوراكل العالمية للبرمجيات ويسأله رئيس الشركة يوماً ما هو طموحك؟ ليجيبه قائلاً: «أن أكون في منصبك» ويشق طريقه ويصل لمنصب نائب الرئيس ويسهم في تحقيق الأرباح بل وتزويد شباب الأعمال بخبراته. عبدالرحمن الذهيبان أول سعودي يعين نائباً لرئيس شركة أوراكل العالمية للبرمجيات، وضع هدفه من البداية وخطط وسعى واجتهد ليصل إليه.. حيث يقول: «لقد حددت هدفي وكنت أطمح إلى أن تكون المملكة هي المركز الإقليمي للشركة، حتى حققت هذا الطموح رغم المصاعب التي واجهتني». اختياره للتخصص الخاطئ في البداية لم يمنعه من مواصلة مسيرته، وبعد أن حاول أن يأخذ وكالة أوراكل بثلاثة موظفين فقط، طالبوه بأن يكون موظفاً عندهم، فبدأ مندوباً للمبيعات ووصل إلى نائب رئيس شركة أوراكل في الشرق الأوسط والمدير العام لشركة أوراكل في المملكة العربية السعودية، إلى جانب عضويته في مجموعة قادة الشباب العرب، وهي رابطة من الأفراد الذين قاموا بدور فعال في تحسين الأحوال التجارية في العالم العربي. يحمل عبدالرحمن الماجستير في التجارة الدولية من جامعة أدنبرة باسكتلندا وقد حصل عليه عام 2003، كما حصل على جائزة أفضل مدير عام في تطوير الأعمال في المملكة العربية السعودية لعام 2004م، من خلال قيادة مجموعة تكنولوجيا النشر آي تي بي. يشتهر عبدالرحمن بحلوله الإبداعية في القضايا التجارية والتقنية، وقد تولى مسؤولية وضع وتنفيذ استراتيجيات دفع عجلة النمو في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأسفرت جهود فريقه الذي يديره في المملكة عن الترشح للمركز الأول في تخطيط موارد المؤسسات في الخدمات العامة والاتصالات والخدمات المالية والقطاع الصناعي الخاص، وأثناء فترة إدارته، فازت أوراكل السعودية بجائزة أفضل بيئة عمل في عام 2009م. تأثر عبدالرحمن بمراحل الطفولة تأثيراً كبيراً؛ إذ كان لدى عائلته شركة متخصصة في الملابس الرياضية (غرناطة للرياضة).. ويضيف «كان الوالد رحمه الله وعمي الوحيد أطال الله عمره وهو في مقام الوالد دائماً يلزموننا بالعمل في المعارض خلال إجازة الصيف من الصف الثاني الابتدائي لغرس حب العمل والإصرار على تحقيق الهدف في نفوسنا كأبناء، وكنت أتقاضى راتباً شهرياً في المرحلة الابتدائية قدره 50 ريالاً، وعندما كبرت ودخلت في المرحلة الثانوية كنت أستلم ألف ريال راتباً في الصيف عند عودتي إلى المملكة، وهذا نمى عندي حب العمل والإصرار على تطوير الذات والتعامل مع شرائح الموظفين المختلفة». وأضاف الذهيبان: «الصدفة وحدها هي التي جعلتني أختار مساري في عالم الأعمال فخلال دراسته للحاسب الآلي في بريطانيا كان عبدالرحمن يعود إلى المملكة في إجازة الصيف، وفي إحدى الإجازات كان في انتظاره مفاجأة ساعدته في ترسيخ خطواته على طريق المستقبل». هنا قال:» وجدت شركتنا متعاقدة مع شركة هندية بحرينية لتطوير النظام المالي، واقترح عمي وأخي الأكبر أن نستفيد من خدمات هذا المبرمج ونبدأ في تسويق ما تم تطويره، وفتحنا مؤسسة وظفنا فيها المبرمج الهندي. وبعد الانتهاء من دراستي الجامعية استقررت في المملكة وأكملت في مؤسسة الحاسب الآلي، وبدأنا في التعيينات وبعدما كبرت الفرص. ونظراً لقله خبرتي تعاقدنا مع مهندس لكي يكون مديراً للشركة وأنا تحت قيادته. ومع أني شريك كان راتبه أربعة أضعاف راتبي، وأنا الذي يوقع مسير الرواتب، ولكن كانت الفكرة أني أتعلم لأن هذا المجال كان جديداً بالنسبة لي ولأن تجارة البرمجيات ليست كأي تجارة أخرى». يتذكر عبدالرحمن خطأ ارتكبه في بداية مشواره في عالم الأعمال وندم عليه فيما بعد.. « أكبر خطأ أنني بدأت الأعمال في مجال صعب كالبرمجيات في وقت لم يكن يوجد بالمملكة إلا عدد صغير من الشركات، وأنا طالب حيث كان المفروض بدء العمل بعد تخرجي لكي أستفيد من الخبرة». ومثلما هو الحال في بداية المشاريع، واجهت عبدالرحمن صعوبات عدة، فمع قلة خبرته في إدارة الأعمال كان متقناً لعملية البيع وتطوير البرامج.. ويقول: «كان نمو الأعمال ممتازاً وبدأنا التعامل مع شركات ومؤسسات كبرى كأرامكو، وسابك، والبنك الأهلي. أكبر صعوبة واجهتني كانت إدارة التدفقات النقدية. نجح عبدالرحمن في التغلب على تلك المشاكل بإيجاد موارد تدعم السيولة المالية.. «حصلت على توزيع برامج مايكروسوفت وأوراكل وبدأت في مجال جديد أسهم في زيادة مداخيل المؤسسة». كان لتلك التجربة أثر كبير في تغيير مسار حياة عبدالرحمن العملية إذ كان موزعاً لشركة أوراكل، وكانت الشركة ترغب في توسيع استثماراتها بالمملكة وتسعى لعمل (جوينت فينشر) مع مستثمر سعودي..» وهنا وجدت فرصة عمري وخاطبت الشركة وتفرغت فقط لإنجاح هذا الفكرة، واستخدمت كل السبل وكنت قاب قوسين أو أدنى أن أحصل عليها، ولكن فجأة تم الاتفاق مع مستثمر ورجل أعمال سعودي آخر لديه علاقات واستثمارات في أمريكا، فأحسست بعدها بالإحباط. وبعد ما أسست أوراكل مكاتبها في المملكة اتصلت بي لكي ألتحق كموظف مبيعات فوافقت، ولم أكن أعلم هذا القرار صحيحاً أم خطأً، بل مجرد ردة فعل على عدم حصولي على وكالتهم». ومع مرور الوقت عّينت أوراكل سنة 2002م، مديرها العام عبدالرحمن بن محمد الذهيبان نائباً للرئيس نتيجة للنجاحات المستمرة التي حققها لها من خلال نجاحها في الحلول الإلكترونية لمجموعة تطبيقاتها المتكاملة، وباتت تلعب دوراً رئيسياً في قطاع تقنية المعلومات من خلال برامج تطوير الأعمال الصغيرة والمتوسطة وإيجاد فرص وظيفية أفضل للسعوديين في هذا القطاع بحزمة أعمال إلكترونية تعزز خطط التوسع وفعالية الأداء ورفع مستوى الإنتاجية إضافة إلى توفير الحلول اللازمة لأنظمة تبادل المعلومات. ويحرص عبدالرحمن على مساعدة الشاب في بداية مشوارهم، لاسيما إذا كانوا اتخذوا منه رمزاً وقدوة وطلبوا عصارة خبرته ونصيحته.. «قد ألغي اجتماعاتي وأتفرغ لهذا الشاب أو ذاك، ولا أقول هذا من باب المجاملة، ولكن هذه والله الحقيقة. ففي أوراكل مثلاً نقوم بتعيين 10 إلى 15 طالباً وطالبة، أفرغ ساعة كل أسبوع واجتمع معهم وأعطيهم ما لدي من خبرة، وأتواصل معهم شبه يومياً عن طريق البريد الإلكتروني. وما يفرحني أن نسبة كبيرة من هؤلاء الطلبة أو الطالبات استلموا مناصب قيادية سواء داخل الشركة أو خارجها».