شركتان من أكبر شركات البناء في دبي، تلجأ كل واحدة منهما إلى الاقتراض من البنوك؛ للمساعدة على تمويل المشاريع؛ بسبب الارتفاع في الدفعات المتأخرة من زبائنهما، وهو ما يؤذي التألق من سوق بناء مزدهرة. قالت شركة أرابتك القابضة، وهي المقاول الذي ساعد على دفع أسهم دبي إلى سوق هابطة في شهر حزيران (يونيو): إن الأموال المُستحقة من العملاء ارتفعت إلى 8.8 مليار درهم (2.4 مليار دولار) خلال الربع الثاني، بعد أن كانت 7.2 مليار درهم في نهاية عام 2013. دريك أند سكل إنترناشينال، وهي ثاني أكبر شركة بناء مدرجة في البورصة في دبي، أخذت قروضاً تمتد على فترتين زمنيتين مجموعها حوالي 199 مليون درهم في النصف الأول، وذلك وفقاً لبياناتها المالية. وفي حين أن كلتا شركتي البناء تستفيد من ارتفاع الطلبات، إلا أن الحاجة للاقتراض من البنوك تعني أن عليها أن تسدد دفعات فوائد مُكلفة، ويمكن أن تعمل على إبطاء إنهاء المشاريع، وذلك وفقاً لمحللين. الزيادة السريعة في تأخير مشاريع شركة أرابتك قد أضافت إلى ديون الشركة، في حين أن التأخيرات في إعادة التصميم وتجاوز التكاليف في المملكة العربية السعودية يُلحق الضرر بتدفق النقود والربحية في دريك أند سكل. قال طاهر صفي الدين، المحلل بشركة شعاع كابيتال في دبي، خلال اتصال هاتفي قبل يومين: «إن وضع الدفعات بالنسبة للمقاولين لم يتحسن منذ بداية عام 2013» حتى مع تحسن حالة الاقتصاد في دبي. وأضاف «رأس المال العامل يخضع لضغط مستمر، الأمر الذي يُجبر المقاولين على اللجوء إلى البنوك لتغطية العجز». لم يتم الاستجابة للمكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني الموجّهة لأرابتك سعياً للتعليق على احتياجاتها من التمويل، في حين أن المسؤول التنفيذي للعلاقات العامة في دريك أند سكل رفض التعليق عندما تم الاتصال به هاتفياً. حاجات الاقتراض قال صفي الدين: إن كلاً من أرابتك ودريك أند سكل تحصل على القروض والتسهيلات والسحب على المكشوف من حساباتها البنكية. حيث ارتفعت ديون أرابتك 392 مليون درهم في الربع الثاني لتصبح 1.29 مليار درهم. وقال أرتور أولوك، مدير تمويل الشركات في بنك المشرق في دبي، عبر الهاتف: «إن أغلبية القروض المصرفية، إذا لم يكن جميعها، المُقدمة للمقاولين تميل لتكون مرتبطة بعقود ومشاريع محددة. عادة ما تكون القروض أكثر تكلفة من تلك القروض التي يتم تقديمها إلى أنواع أخرى من الشركات لأن الانتعاش بخصوص مشروع معين يمكن أن يكون صعباً ويتطلب جهوداً إضافية؛ إذا لم يتم الدفع للمقاول». أضاف أولوك أن القروض قصيرة الأجل لشركات البناء يمكن تسعيرها ب 275 نقطة أساس إلى 425 نقطة أساس زيادة على سعر الفائدة المعياري بين البنوك في الإمارات، أو إيبور. أظهرت بيانات جمعتها بلومبيرج، أن سعر إيبور على القروض لأجل ثلاثة أشهر انخفض إلى 0.72 بالمائة اليوم، حيث أصبح على مقربة من أدنى مستوى وصل إليه في الثاني عشر من تموز (يوليو). الحاجة إلى النقدية ألن سانديب، وهو محلل بناء مقرّه القاهرة في شركة نعيم للوساطة المالية، قال في مذكرة للعملاء: إن أرابتك «في حاجة ماسة لجمع المزيد من الأموال، وبسرعة» إلا إذا كانت على استعداد لإبطاء جدولها الزمني في البناء. الشركة تستنزف الأموال بمعدل يبلغ حوالي 600 مليون درهم في كل ربع، وعلى الأرجح سوف تحتاج لجمع الأموال «في غضون أشهر» لأن التراخيص الحالية لزيادة رأس المال تنتهي بحلول نهاية العام. أعلنت أرابتك عن ارتفاع يبلغ 11 في المائة في أرباح الربع الثاني لتصل إلى 103 ملايين درهم. بينما أرباح دريك أند سكل لنفس الفترة انخفضت إلى 25.9 مليون درهم من 44 مليون درهم قبل عام. كلا المجموعتين من النتائج لم تصل إلى مستوى تقديرات المحللين التي جمعتها بلومبيرج. طلبات كثيرة قال سانديب: إن تأخيرات مشاريع أرابتك ارتفعت بنسبة 70 في المائة لتصل إلى أكثر من 23.8 مليار درهم منذ نهاية العام الماضي، وهو ما وضع الضغط على رأس المال العامل للشركة في الوقت الذي فيه «الحجم الجيد من التعاقد الفرعي» يتطلب من الشركة الالتزام بإنفاق المال. قالت عالية المهيلمي، وهي محللة أسهم مقرها القاهرة في شركة سي آي كابيتال هولدينج، عبر الهاتف: «إن المسألة هي المشاريع الجديدة التي تأخّر تنفيذها في العام ونصف العام الماضي لكنها لم تتحوّل إلى إيرادات بعد. التحدّي هو الانطلاق بهذه المشاريع». وأضافت أن عدم اليقين بشأن الإدارة الجديدة في أرابتك قد يؤثر على الثقة في قدرتها على تنفيذ المشاريع في ظل إعادة الهيكلة. حسن صميخ، الرئيس التنفيذي للشركة، استقال وتم التخلّص من مسؤولين كبار آخرين في شهر حزيران (يونيو). كما انخفضت أسهم أرابتك بنسبة 59 في المائة في تداولات بورصة دبي من الخامس حتى الثلاثين من شهر حزيران (يونيو)، وهو ما أدى إلى تراجع بنسبة 23 في المائة في المؤشر العام لسوق دبي المالي في تلك الفترة. وقالت المهيلمي: إن تعيين «فريق إدارة جديد ذي مصداقية في صناعة البناء، يمكن أن يعمل بسرعة على تقليص الخطر من سحب المشاريع من أرابتك ومنحها إلى مقاولين آخرين». بنوك راغبة في الإقراض وأضافت أن أرابتك على الأرجح لن تلجأ إلى زيادة رأس المال أو بيع السندات، الأمر الذي قد يؤثر على قيمة الأسهم في الوقت الذي ربما سيكون فيه الطلب من المساهمين ضعيفاً. مع ذلك، الاقتراض من البنوك لا ينبغي أن يكون أمراً صعباً بالنسبة لشركة البناء. وقالت: «إن ميزانية الشركة العمومية مُهيأة بشكل متواضع ويمكنها اللجوء إلى البنوك بسهولة، التي ستكون سعيدة بتمويلها». وأضاف صفي الدين من شركة شعاع، أن نسبة الديون إلى حقوق الملكية في أرابتك هي حوالي 22 في المائة مقارنة مع 54 في المائة لشركة دريك أند سكل. مختار صافي، كبير الإداريين الماليين، قال في بيان في العاشر من آب (أغسطس): إن التأخيرات «الكبيرة»، في دريك أند سكل، للمشاريع في السعودية إضافة إلى تجاوز التكاليف في البناء العام في النصف الأول تؤثر على الهوامش والأرباح التشغيلية. من بين عقود الشركة في السعودية يوجد طلب بقيمة ملياري ريال سعودي (533 مليون دولار) من شركة إنتاج النفط الحكومية، شركة النفط العربية السعودية، المعروفة باسم أرامكو السعودية، في عام 2011؛ لتطوير جزء من مركز الملك عبدالله لدراسات وأبحاث البترول في الرياض. السعي وراء العملاء يتوقع كبير الإداريين الماليين أن يقوم العملاء بمُصادقة المطالبات في النصف الثاني والتي ستعمل على تغطية تجاوزات التكاليف. ويقول إن دريك أند سكل تتوقع أيضاً إنعاشاً جزئياً للسيولة، إضافة إلى هوامش تشغيلية وربحية بحلول نهاية العام مع قيام المشاريع في شركات الهندسة والتعاقد العام برفع الزخم في الربع الرابع والتي ستستمر حتى مطلع عام 2015. ويتفق مع ذلك صفي الدين من شركة شعاع. حيث قال: «أنا أتوقع بعض التحسّن، لا سيما بالنسبة لشركة دريك أند سكل بحلول نهاية العام في السعودية. نحن نتعامل مع دفعات متأخرة، وليس مع عجز محتمل».