اكتشف خبراء الاقتصاد منذ فترة طويلة، أن السوق الحرة هي أفضل طريقة للحد من انبعاثات غاز الدفيئة. لكن خبراء الاقتصاد ليسوا ماهرين في تجميع خطط مناهضة لظاهرة الاحتباس الحراري لاستمالة شريحة من الجمهور المتشكك. وهنا يأتي دور كريس فان هولن، النائب الديموقراطي عن ولاية ماريلاند. قام فان هولن بتقديم مشروع قانون يدعوه 'قانون المناخ الصحي وأمن العائلة لعام 2014‘، حيث قام بذكاء بتغليف مفهوم اقتصادي في إطار من مبادئ الصحة والعائلة والأمن. مشروع القانون سيتطلب من الشركات الحصول على تصريح لإنتاج أو استيراد الوقود الذي يحتوي على الكربون، مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي. بدلاً من تخصيص التصاريح سياسياً، ستقوم الحكومة بعرضها في مزاد علني، حتى تحصل عليها الشركات التي تنتج انبعاثات الكربون التي هي في أشد الحاجة إليها. قام نظام مزاد علني مماثل بشكل كبير بالحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت - الذي يُسبب الأمطار الحمضية - بشكل أسرع وأرخص مما توقعه الخبراء. فيما يلي الجانب السياسي للفكرة التي يقف وراءها فان هولن: الأموال التي تم جمعها من رسوم التصاريح من شأنها أن تقوم بتحويلة تامة وتعود مباشرة إلى الشعب الأمريكي - بالتحديد، إلى كل شخص يحمل رقم ضمان اجتماعي. سيعطى نفس المبلغ من المال إلى كل شخص، حتى أولئك الذين لا يكسبون ما يكفي لدفع ضرائب الدخل. قال فان هولن في مؤتمر صحفي: «إن هذا النهج من 'الحد الأعلى وتوزيع الأرباح‘ يحقق التخفيضات الضرورية من انبعاثات غاز الدفيئة في الوقت الذي يقوم فيه بتعزيز القوة الشرائية للعائلات في كافة أنحاء البلاد». مشروع قانون فان هولن من شأنه خلق فائزين وخاسرين. شركات الفحم الكبرى ستخسر لأن تكلفة التصاريح ستعمل على تحفيز الشركات على التحوّل من الوقود المكثّف بالكربون مثل الفحم إلى الوقود الذي يحتوي كربون أقل مثل الغاز الطبيعي، أو مصادر الطاقة الخالية من الكربون مثل الطاقة النووية، أو الطاقة المائية، أو طاقة الرياح، أو الطاقة الشمسية. الأمريكيون الذين يستهلكون أكثر من متوسط كمية الكربون سيخسرون أيضاً. وقود الطائرات النفاثة سيصبح أكثر كلفة، بالتالي سترتفع أسعار تذاكر الطائرات. وهذا من شأنه إلحاق الضرر بالناس الموجودين في أعلى هرم الدخل. من ناحية أخرى، السيارات القديمة المهلهلة التي تستهلك محركاتها كميات أعلى من البنزين لكل كليومتر ستصبح تكلفة تشغيلها أكثر، الأمر الذي يُلحق الضرر بالفقراء. كذلك منطقة شمال غرب المحيط الهادي، التي تحصل على الكثير من الكهرباء من الطاقة المائية، سوف يكون وضعها أفضل من منطقة الغرب الأوسط الصناعية، التي تعتمد في توليد الكهرباء على محطات تعمل بالفحم. الجميع سوف يستفيد من تراجع معدلات الاحتباس الحراري، والذي يُهدد برفع مستويات المياه، والتسبب بالتصحّر، وانتشار الأمراض الاستوائية، وإلحاق الضرر بالدببة القطبية، وهلم جرا. الشيكات التي ستذهب للناس لن تعني الكثير للعائلات ذات الدخل المرتفع لكنها قد تكون كبيرة للفقراء والطبقة المتوسطة المنخفضة المكافحة، وهذا يتوقّف على حجم الأموال التي سيتم جمعها. حصل مشروع القانون على مراجعة إيجابية للغاية في إحدى افتتاحيات صحيفة النيويورك تايمز من قِبل جيمس بويس، أستاذ الاقتصاد في جامعة ماساتشوستس أمهارست التي تم نشرها على الإنترنت في التاسع والعشرين من تموز (يوليو). لكن عندما نشرت افتتاحية فان هولن الخاصة على موقع هافينجتون بوست، بعض المعلقين كانوا متشككين. قال أحدهم، الذي اعتبر أنه لا يوجد ما يكفي من الكربون في الغلاف الجوي للتأثير على المناخ: «هذه مجرد سخافة». وقال آخر: «هذا مجرد تخويف بثاني أكسيد الكربون». تعتبر تخفيضات الكربون في مشروع القانون المكون من 28 صفحة من التخفيضات الطموحة. يتصوّر فان هولن أنه بحلول عام 2050، كمية الكربون التي يمكن أن تنبعث من خلال التصاريح ستكون أقل بنسبة 80% من انبعاثات عام 2005. وحتى يتم تجنب إحداث خلل بالميزان التجاري، فإن مشروع القانون يقتضي تعويض الشركات التي تصدر السلع ذات المعدل العالي من الكربون عن التكاليف التي يفرضها القانون.