على عكس مطالب تطوير مصادر الطاقة المتجددة، قررت الأرجنتين التشجيع على بناء محطة توليد طاقة كهربائية تستهلك أكثر من خمسة آلاف طن من الفحم في اليوم الواحد، وتبعث كميات كبيرة من الغازات المضرة والمسببة للاحتباس الحراري، وتنتج عدة سوائل ونفايات سامة، إضافة إلى زيادة تبعية البلاد على الفحم، أكبر وقود ملوث في العالم. وتعمل مجموعة من الشركات الخاصة في بناء محطة توليد طاقة كهربائية ليجري تشغيلها بالفحم بجوار منجم ريو توربيو، بمحافظة سانتا كروث جنوب شرق الأرجنتين. وستربط المحطة بشبكة الكهرباء الوطنية. أعرب الناشطون البيئيون عن اعتراضهم الشديد على بناء هذه المحطة، بقدرة توليد 240 ميجاوات، التي ستستهلك 5400 طن من الفحم، يوميا، وتنتج 1.6 طن من النفايات سنويا لا تتوفر معلومات عن مصيرها النهائي. كما تشير شكوى لمكتب التحقيقات الإدارية في العام الماضي إلى أن المحطة ستنتج خمسة آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون، يوميا، وهو أكثر غازات الاحتباس الحراري إسهاما في التغيير المناخي. كما أنها ستبعث غازات ثاني أكسيد الكبريت، وأكاسيد النيتروجين المسببة للأمطار الحمضية، وأكسيد الكربون، ومواد سائلة ملوثة بالكروم والألومنيوم والباريوم، والأمونيا، والزرنيخ والزئبق. يضاف إلى ذلك أن أضرار العديد من هذه الملوثات تتزايد في الرماد، سواء غير المستقر أو في المخلفات الثقيلة، وأن هذه الجزيئات تحتوي على مواد مشعة مثل اليورانيوم أو الثوريوم والزئبق أيضا. وطبقا لخوان كارلوس فييالونجا، مدير مكتب منظمة «جريين بيس» البيئية العالمية في الأرجنتين، فإن «أخطر ما في الأمر هو أن هذه المحطة هي مجرد أول خطوة في مشروع واسع النطاق لتوليد الطاقة باستخدام الفحم» في الأرجنتين. وبالفعل تعتزم وزارة الطاقة رفع نصيب الفحم في توليد الكهرباء من نسبة 0.5 % الحالية إلى 4 % بحلول عام 2025، وذلك من خلال زيادة عدد محطات التوليد المشغلة بالفحم حتى يبلغ إنتاجها ثلاثة آلاف ميجاوات. ويحدث هذا في بلد يعاني من درجة عالية من التبعية على مصادر الوقود الأحفوري، إلى حد أن 52 % من الكهرباء المولدة في الأرجنتين يأتي من الغاز الطبيعي و 37 % من النفط إضافة إلى نسب الفحم المذكورة، مقابل 3.4 % من المصادر المائية و2.7 % من المفاعلات النووية والنسبة المتبقية من الحطب ومصادر الطاقة المتجددة. وأضاف ممثل «جريين بيس» أنه في وقت «يعتبر فيه التخلي عن الفحم (بوصفه مصدرا للطاقة) مطلبا بيئيا حتميا في العالم أجمع، قررت الأرجنتين -التي تتوفر لديها كل أنواع مصادر الطاقة المتجددة- اختيار أقذر مصادرها». وأفاد بأن الأرجنتين يمكنها زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة الشمسية أو الريحية بل وحتى في المصادر التقليدية الأقل تلويثا كالغاز والطاقة الكهربائية المائية أو مصادر الوقود السائلة. وشرح الخبير البيئي أن السلطات الأرجنتينية على دراية بكل الأضرار البيئية التي يتضمنها زيادة التبعية على الفحم، ومع ذلك فقد صرفت بالفعل أول القروض لمجموعة الشركات التي تتزعمها شركة «إيسولوكس» الإسبانية، حتي قبل تسليمها دراسة التأثيرات البيئية للمشروع. إضافة إلى ذلك، حذر الخبراء من مخاطر حرق الفحم على الصحة، وصرح الطبيب الأمريكي الان لوكوود أن كل مراحل عملية الإنتاج، بداية من استخراج الفحم وحتى جمع النفايات، وخاصة مرحلة الحرق، تتسبب كلها في أمراض تنفسية وللقلب والمخ والسرطان، فضلا عن الأضرار البيئية. يذكر أن الفحم يمثل حاليا 26.5% من جميع مصادر الطاقة في العالم ويستخدم لتوليد 41.5 % من الكهرباء، علما بأن 75 % من احتياطي الفحم يتركز أساسا في خمس دول هي أمريكا، روسيا، الصين، أستراليا، والهند .