تعتبر الصينوالولاياتالمتحدة، أكبر مستهلكين للطاقة في العالم. وتكاد تتساوى كميات الطاقة المستهلكة في كلا البلدين، على الرغم من اختلاف عدد السكان. وتعد الولاياتالمتحدة أكبر بلد في العالم في توليد واستهلاك الطاقة النووية، إذ وصلت قيمة استهلاكها في العام الماضي حوالي 188 مليون طن نفط مكافئ، وجاءت بعدها فرنسا ذات التاريخ الكبير والناصع في توليد الكهرباء من الطاقة النووية، إذ وصلت كميات ما تم توليده في العام الماضي حوالي 96 مليون طن نفط مكافئ. وتأتي روسيا ثالثاً في توليد ما قيمته حوالي 40 مليون طن نفط مكافئ. وبعدها تأتي كل من كوريا الجنوبيةوالصين اللذين استطاعا أن يولدا حوالي 30 مليون طن نفط مكافئ. وبهذا تعتبر الصين من أكبر دول العالم في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. ولكن من الملفت للنظر ضخامة المشاريع المستقبلية، والتوسعات الكبيرة التي تشهدها الصين في استخدام الطاقة النووية. ولأن ثروات الصين من النفط والغاز التقليدي لا تكفيها لسد حاجتها المتنامية من الطاقة، ولذلك فالصين الآن أكبر بلد بالعالم في استيراد النفط، وثالث أكبر بلد بالعالم في استيراد الغاز الطبيعى. ولكن بسبب ارتفاع اسعار النفط والغاز، دائماً ما كانت الطاقة والحصول عليها مصدر قلق للصين ويبدو أن من الحلول لمشكلة الطاقة في المستقبل في الصين، هي إنتاج المزيد من الطاقة النووية وذلك بغرض تقليل حرق الفحم الحجري. وغالباً ما كان الخيار النووي أحد أهم المصادر الصينية؛ للتوسع في إنتاج الطاقة. وتنتج الصين حالياً حوالي 2% من طاقتها بواسطة 20 محطة نووية منتشرة بالبلاد، وتبني حالياً حوالي 28 محطة أخرى. وتملك الصين خططاً طموحة لإنتاج المزيد من الطاقة النووية، فلقد أعلنت أنها بصدد رفع قدرتها لتوليد الطاقة النووية إلى 60 جيجاوات بحلول 2020م، ومن ثم إلى 150 جيجاوات بحلول 2030م في إصرار عجيب على رفع حصة الطاقة النووية في خليط الطاقة الصيني. ورغم تخوف العالم منه، وخاصة بعد فوكوشيما اليابانية، فلقد أقرت الحكومة الصينية في عام 2013م إنشاء محطتين نوويتين لتوليد 2.1 جيجاوات، وفي العام الحالي أعطت السلطات الصينية الضوء الأخضر لتوليد حوالي 9 جيجاوات من المحطات النووية. إذاً تعي الصين جيداً أهمية المصدر النووي وتحاول استغلاله ما استطاعت، ولذلك تبقى الصين اكبر بلد في العالم ينشئ مفاعلات نووية جديدة. والجدير بالذكر أن الصين انتجت حوالي 5% من اجمالي الطاقة النووية في العالم في عام 2013م، وتتوقع وكالة الطاقة الذرية أن تستحوذ الصين على 19% من اجمالي الطاقة النووية المنتجة عالمياً في عام 2035م. والحقيقة أن الخيار النووي رغم خطورته إلا أنه يبقى أفضل بمراحل من الفحم الحجري الذي أدى إلى تلوث هواء الصين. وأما الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية، فتعد الصين ثاني اكبر بلد العالم فى توليد الطاقة من مصادر متجددة بعد الولاياتالمتحدة. إذ بلغت قيمة الطاقة المولدة من هذه المصادر في عام 2013م في امريكا 59 مليون طن نفط مكافئ، وفي الصين 43 مليون طن نفط مكافئ، وفي ألمانيا 30 مليون طن نفط مكافئ. ولكن مما يلفت النظر أن الصين لم تولد شيئا يذكر من الطاقة المتجددة في عام 2003م، أى قبل عشر سنوات لم يكن لديها مصادر متجددة ذات قيمة عالية، ولكنها في ظرف عشر سنوات فقط صعدت إلى المرتبة الثانية عالمياً في استغلال الطاقة المتجددة، وهى تطمح الآن لكي تصبح الدولة الأولى في العالم والرائدة في توليد الطاقة من المصادر المتجددة. وبناء على ما تقدم، يبدو واضحاً التطور السريع الذى تشهده الصين في استغلال كل من المصادر النووية والمتجددة في توليد الطاقة للأغراض المدنية. والأكيد أن لهذا التطور السريع ثمنا وخبرات قد حصلت عليها الصين من خلال الاصرار على التغلب على نقص موارد الطاقة في الصين. ولأجل الاطلاع على التجربة الصينية في التعامل مع الطاقة النووية والطاقة المتجددة، يقوم وفد رفيع من مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، بزيارة إلى الصين؛ للإطلاع على التجربة الصينية في مجالات الطاقة الذرية والمتجددة، وللتباحث حول تعزيز التعاون بين السعودية والصين في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وتأتي الزيارة الرسمية للوفد برئاسة رئيس "المدينة"، وبمشاركة نائب الرئيس، وعدد من المسؤولين في إطار تفعيل الاتفاقية الموقعة بين السعودية والصين في عام 2012م في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وتهدف مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة إلى المساهمة في التنمية المستدامة للمملكة، ويعتبر اقتراح السياسة الوطنية للطاقة الذرية والمتجددة مع وضع الخطة والإستراتيجية اللازمة لتنفيذها، أحد أهم أهداف إنشاء المدينة. وفي هذا الإطار، أشار السفير الصيني لدى المملكة، إلى أن الوفد السعودي سيركز بشكل كبير على موضوع الطاقة النووية والشمسية وطاقة الرياح، ولا سيما أن للسعودية رغبة جادة في العمل بهذا النشاط، مبيناً أن الزيارة تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين الصديقين في مجال الطاقة المتجددة. ويحدونا الأمل أن تتقدم المملكة في سلم ترتيب الدول التي تستغل الطاقة النووية والمصادر المتجددة لتوليد الكهرباء؛ من أجل تخفيف الضغط عن أهم مصدر طبيعى لدينا "النفط" والغاز الطبيعى.