لعدة أشهر الآن كنت أناقش مختلف العوامل الدافعة لإحياء التصنيع في الولاياتالمتحدة، مثل زيادة تكاليف العمالة في الصين، وإنتاجية العمال الأمريكيين، ووفرة الطاقة الرخيصة هنا والتي أحدثتها تكنولوجيا «التكسيرالهيدروليكي»، وقضايا الملكية الفكرية، وحقيقة أن التصنيع في الولاياتالمتحدة ينطوي على عدد أقل بكثير من الصداع من إدارة سلاسل التوريد لمسافات طويلة. في كثير من الحالات، وكما قد أكدت فإن اختيار موقع لمنشأة لتصنيع القادمة ليست خيارًا بين شيئين اثنين فقط. سوف تختار العديد من الشركات التصنيع في الصين، والهند، والبرازيل، ومواقع أخرى في الأسواق الخارجية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حتى في الوقت الذي تصبح فيه الولاياتالمتحدة والمكسيك خيارات جذابة على نحو متزايد بالنسبة لشركات صنع المنتجات لأمريكا الشمالية وأوروبا الغربية. تستند هذه الحقائق في المقام الأول على الرياضيات، والتكاليف المجتمعة النسبية من العمالة والطاقة والمواد الخام والمكونات والأنظمة، والنقل، وسلاسل التوريد. حين تقوم بحسابها تستطيع أن تختار. ما لم أعالجه بشكل كاف هو العوامل غير الاقتصادية التي يجب أن تدخل في المعادلة، مثل «المفاجآت»، أو على الجانب الآخر، إذا كنت تفضل: الاستقرار أو القدرة على التنبؤ. مهما كان تفكيرك بخلاف ذلك في المنافسة الاقتصادية بين الولاياتالمتحدة وكندا، واليابان، وأوروبا الغربية، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه هو أن هناك بعض المفاجآت، وغيرها من الكوارث الطبيعية والكوارث العرضية من صنع الإنسان (مثل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكارثة فوكوشيما النووية، من الأمثلة المؤسفة البارزة). القرارات السياسية رغم أنها تبدو في بعض الأحيان سيئة، إلا أنها نادرًا ما تكون تعسفية. مقترحات السياسة عادة ما يتم مراجعتها ومناقشتها قبل أن تحمل قوة القانون. هناك عمليات للمتابعة، وفترات للتعليق على القوانين المقترحة، وجلسات الاستماع، والتصويت، والطعون. ورغم أنها قد تبدو فوضوية في الظاهر، إلا أنها في الواقع منظمة إلى حد كبير. قارن هذا وهو أمر لابد أن يقوم به رجال الأعمال عندما يفكرون في موقع المصنع المقبل لشركاتهم مع بقية دول العالم: «العنف المضاد للصين يضرب فيتنام»، أو مثلًا: «تايوان قلقة بشأن أخطاء في تحديد الهوية في الاحتجاجات»، أو الخبر التالي: «الجيش التايلاندي يستولي على السلطة في انقلاب عسكري». منذ عام 1990، وقعت عشرات من الانقلابات ومحاولات الانقلاب في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك سيراليون (1992)، وباكستان (1999)، وهندوراس (2009)، ونيجيريا (2010)، وهذا غيض من فيض، وتكررت الانتهاكات في تايلاند، مع انقلابات في عام 2006، وانقلاب آخر هذا الربيع، وهو ما أثار نشر هذا العنوان: «الفوضى تهدد بتثبيط الاستثمار الأجنبي». وفي الوقت نفسه لا تزال روسيا تثير المشاكل في أوكرانيا. بينما الصينوفيتنام والفلبين تتنافس للسيطرة على الجزر المختلفة في بحر الصين الجنوبي، وتركيا تبدو هشة، ومن يدري ماذا سيحدث بعد ذلك في الشرق الأوسط؟ ليس كل تغيير هو مفاجئ، أو متشنج، أو يتحول للأسوأ. على سبيل المثال ناريندرا مودي -حزب بهاراتيا جاناتا- الموالي للأعمال الذي وعد برفع القيود وتبسيط الاقتصاد والإصلاح أنهى مؤخرًا سنوات من هيمنة حزب المؤتمر الوطني في الهند، لكنهم فعلوا ذلك، كما قد تتوقع في الديمقراطية الأكثر استقرارًا في آسيا، في صناديق الاقتراع، وليس عن طريق القوة. المهم هو أن القرارات التجارية العالمية لا يمكن أن تتم في شرنقة. المواد التي نتعلمها في كلية إدارة الأعمال والخبرة التي نكتسبها ونحن نعمل طريقنا حتى الجناح التنفيذي هي ذات أهمية حاسمة. لكن المديرين التنفيذيين في حاجة أيضًا لأن يكونوا في حالة تأهب لعالم لا يمكن التنبؤ به من حولهم، وأن يضعوا في اعتبارهم المفاجآت التي تنتظرنا ولا مفر منها في أي خطط يقدمونها. المؤلف هو زميل أول مقره شيكاغو لدى مجموعة بوسطن الاستشارية، وهو أستاذ إدارة الأعمال في كلية الإدارة في جامعة نورث ويستيرن، ومؤلف مشارك في الكتاب المنشور حديثًا بعنوان «نهضة الصناعة في أمريكا: كيف يقوم الاقتصاد العالمي المتحول بإنشاء العودة الأمريكية؟».