ويأتي العيد ونردد ونعيد: عيد بأي حال عدت يا عيد! وكان الايام لا تمضي ولا تتبدل الاعوام.. ويبقى مشروعنا الذي كان كما كان.. الشكوى والإعراض عن كل فرح وكأننا خلقنا لنهرب من هذه الحياة.. لا لنكابدها تعايشا ونحياها بآمالها وآلامها.. وانما لنعيش اتراحها ونتجنب افراحها.. من يقول ان الحياة ليست منحة وهبة من الله عز وجل!! المسلم هو الذي يقدر الحياة ويعرف قيمتها ويدرك معناها.. فرح الحياة يأتي بالمحبة والتسامح والعطاء والتضحية والبناء والانجاز والرحمة والشفقة والرضا بالاقدار ومقابلة الناس بالاستبشار والتعامل بالاحسان والرفق.. مشاركة الاخرين سعادتهم وآمالهم وآلامهم فرح.. ان نحتفل بالشكر لما وهبه الله لنا ذلك ايضا فرح.. والفرح ضده الحزن وهو ما سيجعلك منطويا على نفسك منفرا لكل من حولك تعيسا شقيا بكل ما تملك من نعم وهبك اياها الله.. الانسان عندما يحزن يتملكه الاحباط واليأس والتعاسة والحقد والقنوط والشقاء والخنوع ويبقى لا يعرف نفسه ولا يتمالكها، يبطش ويثور بغير حكمة توجهه او بصيرة يستدل بها... لا يمكن ان نتغير او نغير بذلك الحزن الذي نعيشه ويسكن البعض منا حتى انه اصبح مسلكا ونهجا وطبعا وطبيعة يتفرد بها الجهلة ممن لا يقدرون قيمة الحياة فعميت بصائرهم عن جوهر ديننا الحنيف والغاية التي استخلفنا الله من اجلها في الارض لعمارتها ونشر العدل والسلام والحب والخير والوئام بين عباده.. فكانت صناعة الموت حرفتهم ولم يعد هناك ما يرضيهم الا قتل النفس التي حرمها الله بغير حق وروضوا انفسهم المريضة بان تكون سعادتهم في التدمير والتهجير ومحاربة كل ما يبعث على الفرح. الفرح هو ما سيجعل الانسان يُقدر كل ما وهبه اياه الخالق من النعم ويدفعه الى التجديد والتفاؤل والاندفاع من اجل العطاء والعمل على تقدير ذاته وشعوره بأهميته في سبيل اسعاد الاخرين.. والمسلم في كل حركاته وسكناته لا يمكن ان يأتي الا بكل خير وبكل ما يبعث على السعادة والسرور.. في كل عيد للاسف نعلن لأنفسنا بصفه متواصلة ونردد ونروج لكل ما يهمش الفرح ونعيد الذاكرة الى النصف الاول من القرن الرابع الهجري ونستشهد بأبي الطيب المتنبي وبما قاله معبرا عن واقع كان يعيشه لا يختلف عنه واقعنا الذي نعيشه اليوم ونبقى نجتر احزانا كانت وما زالت يتوارثها عالمنا العربي.. نظلم انفسنا كثيرا لاننا نحمل ونتناقل احزان التاريخ ونورثها ونبدد طاقاتنا وقدراتنا بالبحث والعمل على ما يكون باعثا للاسى والحزن وكان ذلك هو ما يمكننا القيام به فقط الحزن من اجل الحزن!! مشكلتنا التي نعرفها ولا نعترف بها هي اننا مع الحزن اوجدنا ألفة لا نستطيع منها الفكاك ولا عنها التخلي، واصبحنا اسرى للواقع ندور في حلقه مفرغة لا نحمل الا الاسى.. اذا لماذا لا نجرب الفرح.. وبالرغم من كل الظروف.. نفرح.. ونفرح.. ونفرح.. حتى تأتي دموع الفرح.. لتطهر قلوبنا ويكون الحب نبضها.. ولتجلي بصائرنا من اجل ان نرى الطريق الذي يجمعنا.. دعونا نفرح ونُعلم ابناءنا الفرح، لأن في الفرح قوة.. وليس شرطا ان يكون كل فرح لهواً ولا اي لهو قد يأتي بالفرح.. وكل عام والجميع بخير وفرح...