(الله لا يغير علينا ) دعاء شهير يردده الكثيرون وله في المجمل بعدان : أحدهما إيجابي والآخر سلبي، فحمد الله على نعمه والاعتراف له بفضائله وجوده وإحسانه هو البعد الإيجابي لهذا الدعاء ، وهذا البعد محل اتفاق وليس هو ما أريد الحديث عنه هنا. والبعد السلبي هو "مقاومة التغيير" للأفضل، فهو تعبير ضمني عند كثير من القائلين به لرفض تغيير حياته الآن تحت قناعة محبطة تقول له : ( ليس بالإمكان أن أكون أفضل مما كان )، لذلك يجب أن نقف بجد عند هذا المعنى، ونتأكد من المكان الذي نقف فيه هل هو أفضل المتاح فعلاً ؟!!. حياتنا التي نعيشها الآن هي انعكاس لحقيقة ما يجري داخلنا، وإذا أردنا أن نغير الواقع والحياة في الخارج فعلينا أن نبدأ رحلة التغيير من الداخل، لذلك ربنا الحكيم يقول في محكم كتابه : ( إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )، ومن العبث أن نبدأ تغيير الواقع، فبوصلة التغيير القرآني تخبرنا بأن رحلة التغيير الناجحة تنطلق من مطارات الداخل وليس من قواعد الخارج. بعض من اقتنع بضرورة التغيير من الداخل لا يدري كيف يبدأ ؟ وماذا يُغيّر ؟ وما طبيعة وآلية التغيير؟ ولا شك أن طريقة التفكير وزاوية الرؤية المعتادة تمثل الحجر الأول في بناء التغيير. فنحن لا نتغير لأننا نفكر بنفس الطريقة وننظر من نفس الزاوية، وبالتالي نحصل على نفس النتائج، وحتى يبدأ التغيير نحو الأفضل علينا أن نكسر نمطية التفكير التي تكلسنا بداخلها، وأن نغادر الرحم المظلم الذي تقوقعنا داخله ولم نخرج منه عندما دقت ساعة الولادة. حتى نستطيع أن ننجح في رحلة التغيير الداخلي علينا أن نبحث عن الأسئلة الجديدة التي لم نتعود عليها ؟ فالتساؤل غير التقليدي هو الذي يوجد التغيير الحقيقي، وحتى تركب سيارة فاخرة عليك أن تغادر السيارة البالية التي تستقلها الآن، فلا يمكنك أن تستقل سيارتين بنفس التوقيت! عندما يجرك واقعك إلى الركون إليه والاستسلام لسطوته فتذكر أنه دائماً يوجد حال أفضل مما أنت عليه الآن، وحتى تحافظ على روح التغيير الإيجابي ابحث عن عشاق النجاح وعمالقة التطوير ، وكن قمراً يدور في فلك جاذبيتهم حتى تستمر في البحث عن الأفضل. "إدمان الواقع" حالة مرضية أفقدتنا كثيراً من التغيير الذي نطمح له على مستوى الأفراد والمؤسسات، ونحن في أشد الحاجة للذهاب إلى مصحات "التغيير" العلاجية للتخلص من "إدمان الواقع".