الإنسان بطبيعته عدو ما يجهل فهو يبحث عن منطقة الأمان التي تحتوي على كل ما تعود عليه، وبالرغم من ذلك تكون لديه الرغبة في التغيّر للأفضل لكنّ خوفه من الإصطدام بالنتائج يجعله يتراجع ليكون في موقف دفاعي ضد أفكاره التي سلّم لها، مع أنّ الأمر سيكون أسهل إن رسم خطة نحو تطوير ذاته والتغيّر الإيجابي، وعرف ماذا يريد من حياته وماهو المطلوب منه، وعمل على خلق ما يزيد إصراره ويحفزه للوصول إلى مناله، واستشعر التحولات من حوله ووظفها لتطوير ذاته ليتطور مجتمعه ويمضي قدماً. وأد التغيير بداية ذكرت "أمجاد المنصور" أنّ البعض يلجأ إلى وأد التغيير لأنّه نقف مكتوف الأيدي أمام المجتمع ولا يتخذ أيّ قرار أو خطوة ايجابية يغيّر بها حياته إلى الأفضل فيجمد فكره ويتقوقع، مضيفةً أنّه بالرغم من أنّ هناك مبادئ وأسسا تحكُم التغيير إلاّ أنّها لا تدرس للأبناء، معتبرةً ذلك أحد الأسباب؛ مما زرع الخوف من حدوث أمر ما مستقبلاً أو ردة فعل معارضة للمجتمع حول القرار المراد اتخاذه. تمسك بالقناعات وأرجع "عبدالعزيز السالم" الخوف من التغيير إلى أن البعض متمسك بالمثل القائل"من شبّ على شيء شاب عليه" فمثلاً الشباب اعتادوا على ممارسة عادات وتقاليد واقعتنوا في قرارات أنفسهم أنّ تغييرها شيء محال، وكذلك بعض الأفكار التي يتم تغيير الخاطئ منها وتطوير الحسن والجيد ليتواكب مع العصر. التغيير بالتدريج وبيّنت "أم أصيل" أنّ البيئة والتربية والثقافة قد تؤثر أو تسيطر على أفكار وأقوال وأفعال البعض، موضحةً أنّه إذا أراد الفرد والمجتمع أن يؤتي التغيير ثماره يجب أن يتم ذلك بالتدريج وبشكل يضمن عدم الاصطدام مع بعض القناعات الراسخة حتى لا يقابل بالرفض، مشددةً على أهمية التصميم وعدم التردد؛ لأنّه يخلق الطموح الذي يولد الرغبة القوية في التغيير. تسلح بالشجاعة وترى "منال المحيميد" أن السبب الرئيس ينبع من داخل الفرد، فالتغيير بداية يجب أن يكون من الداخل يغلفه الإصرار والثبات والتسلح بالشجاعة، ويثبت الشخص لنفسه بأنّه يستطيع تحقيق أهدافه بأن يرسم طريقها، ويعمل على اكتساب المهارات اللازمة للوصول إليها، وعندها سيحقق الهدف من التغيير الإيجابي وسيحدث تحولاً وانتقالاً للمجتمع بعمومه إلى الأمام. أفكار وانتقادات وقالت "عواطف السويل": "إذا واجهنا الحياة بصدر لا يخشى الهزيمة سننجح في التغيير ولن نخافه، فنحن لا نستطيع تغيير الأفكار المثلجة عند البعض، ولكن بإقدامنا على الفعل بقوة وبلا خوف ستذوب الأفكار السقيمة ويحل محلها أفكار وأفراد إيجابيون". شادي مكي وتمنت "الهنوف الراجحي" أن تجد كل فكرة تغيير إلى الأفضل القبول والتشجيع والدعم لتتكرر، لأنّ المجتمع بحاجة لمن يغيّر ويطور ويستمر في ذلك، مبديةً أسفها على من يوجهون الانتقادات الحادة وردود الفعل العنيفة والمحبطة تجاه الأفكار النيّرة. واستغرب "أبو غدير" ممن ينبذون التغيير على كافة الأصعدة ويستهجنونه، متسائلاً: "لماذا نترك تجاربنا الماضية وأخطائنا لتحدد وترسم لنا مستقبلنا؟". معتقدات مقيِدة وأوضح "شادي مكي" -مدرب ومستشار نفسي وتربوي- أنّ التغيير يبدأ من الداخل مصحوباً بنية صادقة مصداقاً لقول الله -عز وجل-: "إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، مبيناً أنّها السنة الكونية والقانون الأزلي في هذه الحياة الذي كتبه الله على الناس، فأيّ تحول بظاهر الشخصية يسبقه تحول داخلي في أعماق النفس، كاشفاً أنّه للوصول إلى تغيير حياتي لابد للفرد من صنع تحولات جذرية في أعماقه، وأن تكون لديه الرغبة بإرادة الفعل، وعليه أن يعرف ماذا يريد أن يفعل؟ ولماذا؟، وأن يبدأ بممارسة الفعل وتنفيذه، فالكثير يعرفون ماذا يريدون غير أنّ القليلين هم الذين يحققون ما يريدون، مشيراً إلى أنّ التغيير الذي يحدثه الشخص للحظات أو أيام ثم ما يلبث أن يشعر بالخذلان والإحباط فيترك ما بدأه لا يُسمّى تغييراً، ولن تتحوّل به حياته للأفضل، لأنّ التحولات لا بد وأن تكون دائمةً ومستمرة، مضيفاً أنّ التغيير ليس بالأمر السهل في بدايته، لكن ما إن يضع الفرد أمام عينيه الأمور سابقة الذكر إلاَّ ويسهل الوصول إلى مبتغاه، حيث يبدأ التغيير عندما يستشعر الإنسان أنّ حياته بيديه، وأنّه مسؤول عما يحدث له، وعندها تكون لديه الرؤية الواضحة المبنية على القواعد العلمية الصحيحة التي تحتوي القيم والأخلاق والمبادئ الأصيلة ليصل إلى ما يصبو إليه من تغيير مقروناً بالنجاح، منوهاً بأنّ من يخشى التغيير أو يخافه نتيجة ما يعتقده سيصبح أسيراً لمعتقداته اللامنطقية، وهذا ما يعرف بالمعتقدات المقيِدة؛ وهي ما يعتقده الإنسان عن نفسه أو مجتمعه أو عن أيّ شيء فتحرك مشاعره وتستجيب لها التصرفات، لافتاً إلى أنّ الشيء الذي يعتقده الشخص بداخله هو ما سيحدث له -في الغالب-، منوهاً أنّه في كثير من الحالات النفسية وحالات الفشل في التغيير لدى البعض مرتبطة بالاعتقادات السلبية، كما أنّ كثيرًا من الناجحين يعتقدون في أنفسهم أنّهم قادرون على صنع النجاح وبلوغ المرام، وتحقيق الهدف فيكونون كذلك، مستشهداً بقول الله تعالى في الحديث القدسي "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء".