منذ بداية المسلسلات التلفزيونية السورية، كانت الكوميديا حاضرة. وربما يمكن القول إن الكوميديا السورية مهدت لتألق الدراما السورية، فمن منا لا يتذكر مسلسلات «حمام الهنا» و «مقالب غوار» و «صح النوم»، وغيرها... والتي ما زالت تعرض على الفضائيات العربية حتى الآن؟ ومن منا لا يتذكر شخصيات ك«غوار» و «حسني البورظان»، و «ياسينو»، و«أبو كامل»، و «أبو فهمي»، و «أبو عنتر»، و «فطوم حيص بيص»، و «أبو كلبشة»...، هذه الشخصيات التي استمدت طرافتها من المواقف البسيطة واللهجة الشعبية التي اعتمدتها، ومع غياب ذلك الجيل تيتمت الكوميديا السورية، فغيّب الموت معظم كبارها، ومن بقي منهم اتجه إلى العمل في أنواع درامية أخرى، فيما بقي ابتعاد الفنان دريد لحام (غوار الطوشة) عن الكوميديا مثاراً للتساؤل، بخاصة أنه كان أول من أسس لهذا الفن. الجيل الثاني في الدراما السورية والذي اهتم بالكوميديا، كان خجولاً، فالأعمال الكوميدية بين بداية التسعينات ومنتصف الألفين تعد على أصابع اليد، وربما وحده الفنان ياسر العظمة حافظ على خطه في الكوميديا عبر مسلسل «مرايا» الذي أنتج عدداً كبيراً من الأجزاء، فيما كانت الأعمال الكوميدية الأخرى قليلة جداً، ونذكر منها مسلسل «عيلة خمس نجوم» من بطولة فارس الحلو وأمل عرفة وأندريه سكاف، ومن بعدها «ست نجوم» و «سبع نجوم» و «ثماني نجوم»... لكن كل هذه الأجزاء لم تكن بالسوية الفنية المطلوبة اذ اتجهت للإضحاك على الشخصيات بدلاً من كوميديا الموقف الذي اعتادته الكوميديا السورية، إضافة إلى بعض الأعمال التي قدمها الفنان أيمن زيدان وربما أشهرها «يوميات مدير عام» و «جميل وهناء». سنوات من دون كوميديا ومع بداية القرن ال21 ظهر عمل جديد لاقى استحسان الجمهور والنقاد الذي اعتقد أنه العمل الذي سيعيد للكوميديا ألقها، وهو مسلسل «بقعة ضوء» الذي قدم في أجزاء عدة، من بطولة أيمن زيدان وباسم ياخور ونخبة أخرى من نجوم الدراما السورية والعربية. ولكن الأعوام الماضية لم تحوِ أعمالاً كوميدية كثيرة، فحضور الكوميديا كان يقتصر على عمل واحد أو عملين على أبعد تقدير في كل عام. ومن هذه الأعمال مسلسل «دنيا» من بطولة أمل عرفة وشكران مرتجى، ومسلسل «ضيعة ضايعة»، وبعض الأعمال الأخرى التي تبقى قليلة من حيث العدد. ولكن المفاجأة السيئة كانت في الموسم الماضي الذي بدا كارثة بالنسبة للكوميديا السورية، اذ لم يشهد أي عمل يذكر على هذا الصعيد. وربما باستثناء مسلسل «صبايا» الذي بالكاد يصنف ضمن الأعمال الكوميدية، حيث ان ما قدّمه هذا العمل غابت عنه السوية الفنية المقبولة، واتسم بالتسويف. وأخيراً يبدو أن القائمين على الدراما السورية انتبهوا إلى أهمية الكوميديا في المجال الدرامي، حيث سيشهد الموسم الحالي عدداً كبيراً من الأعمال الكوميدية، منها جزء جديد من مسلسل «بقعة ضوء» بعد ان توقف لعام واحد، والذي يحضّر له الفنان أيمن رضا. إضافة إلى عودة ياسر العظمة إلى «مراياه» والذي سيقدم منها جزءاً جديداً بعد غياب أربع سنوات. ومن الأعمال الكوميدية القادمة أيضاً مسلسل بعنوان «أبو جانتي» من بطولة النجم سامر المصري وهو مسلسل مأخوذ من شخصية أداها «المصري» في أحد أجزاء بقعة ضوء السابقة ومن المتوقع أن يخرج العمل سيف الدين سبيعي. وفرة مباغتة وهذا إضافة إلى الجزء الثاني من مسلسل «ضيعة ضايعة» والذي حقق قبل موسمين نجاحاً باهراً وهو من بطولة باسم ياخور ونضال السيجري ومن إخراج الليث حجو، كما أن النجم أيمن زيدان سيكون حاضراً في الموسم الدرامي القادم كوميدياً عبر مسلسل «مرسوم عائلي» والذي أجلت عرضه قناة دبي في الموسم الماضي. كما سيكون الجزء الثاني من مسلسل «صبايا» أيضاً ضمن قائمة الأعمال الكوميدية القادمة، كما سيقدم المخرج الشاب فادي غازي عملاً كوميدياً آخر بعنوان «شاميات» وهو عبارة عن اسكتشات كوميدية بطابع البيئة الشامية ومن بطولة آندريه سكاف، وياسين بقوش، وغيرهم. الحصيلة حتى الآن سبعة أعمال كوميدية من أصل عشرين عملاً أعلن عنها حتى الآن، وربما تشهد الأيام المقبلة إعلاناً عن أعمال كوميدية أخرى. فهل سيكون هذا الكم من الأعمال الكوميدية مرفقاً بنوعية عالية المستوى؟، أم سيطغى الكم على النوع؟، وهل ستكون هذه العودة إلى الكوميديا خطوة في اتجاه إعادة الألق للكوميديا السورية؟، أم ستكون مجرد طفرة سيخبو نورها في السنة المقبلة؟، الأيام القادمة ستكون كفيلة بالإجابة عن الأسئلة.