تقافزت الى ذهني وأنا أقرأ تفاصيل الاجتماع السنوي للجمعية العمومية لجمعية البر بالمنطقة الذي انعقد قبل أيام في موسم رمضان الكريم، موسم الحصاد العظيم التي تكثر فيه الخيرات والصدقات والتبرعات والمكرمات تحت رعاية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية ورئيس مجلس ادارة الجمعية. حيث قال أثناء الاجتماع بالحرف الواحد : "إن البذل في وجوه البر والخير والأمر به والحث عليه دائما وأبدا لا يزال سجية يتصف بها ولاة الأمر في بلادنا، وهم يجسدون كل يوم القدوة والمثل الذي يحتذى. كما أن المواطنين القادرين والمحسنين يبادرون لهذه الأعمال بنفوس مطمئنة تتطلع الى رضا الله - سبحانه وتعالى - وثوابه ومغفرته جل وعلا". تقافزت الى ذهني وأنا أقرأ تلك التفاصيل وأقرأ ما قاله سموه أثناء رعايته الاجتماع ما جاء في حديث صحيح روته عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جوادا وأجود ما يكون في رمضان". وهذا يعني أن كلمات سموه المطروحة آنفا ترتبط جذريا وبشكل مباشر بما كان يمارسه خاتم الأنبياء والرسل عليه أفضل الصلوات والتسليمات في سائر أيامه من بذل وعطاء وسخاء. وتبرز تلك الصفات الحميدة من صفاته بطريقة مضاعفة في شهر رمضان العظيم الذي أنزل فيه القرآن ليهدي البشرية الى ما فيه خيرها وصلاحها في الدارين. ولا شك في أن شهر رمضان الكريم يعد موسما هاما لحصاد الخيرات، وما أحرى بأمة محمد التي خصها رب العزة والجلال بخاتم الرسالات أن يتسابق أهلها في هذا الشهر الفضيل لفعل الخيرات وبذل المكرمات، وهذا ما يحدث بين ظهرانينا في هذه الديار المقدسة التي شرفها الله بخاتم أنبيائه وشرفها بالبيت العتيق وجعل منه قبلة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. فأهل هذه الديار - بحمد الله وفضله وتوفيقه - يترجمون بشكل عملي ما رسخته في عقولهم وقلوبهم وضمائرهم مبادئ الشريعة السمحة والسنة النبوية الطاهرة. ومن مفردات تلك المبادئ القويمة حث المسلمين على بذل الخير في سائر أيام العام ومضاعفة البذل في شهر رمضان العظيم اقتداء بسيرة خاتم الأنبياء والرسل عليه الصلاة والسلام. وبهذا البذل والعطاء تتحقق المودة والتآلف بين أفراد المجتمع، وبهما يتحقق التكافل المنشود الذي نادت به العقيدة السمحة والسنة النبوية المشرفة. فالحرص على البر والاحسان من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد الى ربه، وما نقص مال من صدقة، فازدياد أعمال البر والخير في شهر رمضان العظيم يعد خطوة صحية وصحيحة على طريق التكافل الإسلامي الذي لا يتحقق إلا بها، ومردود تلك الأعمال من رب العالمين تكون بالأجر والثواب في كل وقت. فالمساعدات المالية التي تتقاطر على جمعيات البر بالمملكة ومن ضمنها جمعية البر بالمنطقة الشرقية من أصحاب القلوب الرحيمة وتصرف في قنواتها على المحتاجين من أبناء هذا الوطن تنم بوضوح عن تغلغل الخير في صدور أبناء هذه البلاد وحرصهم على ممارسة البر بمختلف أوجهه وأهدافه الانسانية السامية. وتلعب تلك الجمعيات أدوارا حيوية في مضامير الخير والبر والصدقات بمؤازرة أهل الخير في هذا الوطن، حيث تستفيد الأسر المحتاجة - في سائر شهور السنة عامة وفي شهر رمضان خاصة - من تلك الأموال المبذولة ليعم الخير على الجميع وتنحصر حالات الفقر الى أدنى مستوياتها. ويشعر أبناء هذه البلاد المستفيدين من برامج تلك الجمعيات بالرخاء وتحقيق مبدأ التكافل من خلال تلك البرامج الطموحة التي تصب في قنوات البر والخير في بلاد حباها الله بأنعم عديدة على رأسها نعمة الاسلام التي يعيش أبناء هذا الوطن تحت ظلالها الوارفة ويتمتعون بخيراتها ومبادئها الربانية العظمى. فالرعاية المبذولة من تلك الجمعيات لكل الأسر المستفيدة تترجم بوضوح أهمية تمسك القيادة الرشيدة بمبادئ العقيدة الإسلامية السمحة وتطبيقها في كل شأن وأمر حفاظا على استمرارية التكافل الإسلامي بين أفراد المجتمع في البلاد وتحقيقا للأمن والاستقرار والرخاء في مجتمع يتخذ من عقيدته الاسلامية الغراء أسلوب عمل ومنهج حياة.