لقد انعم الله على هذه الأمة بنعم عظيمة إذ جعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وجعل مكانتها ورفعتها وعزتها بين سائر الأمم مرتكزة على مدى تمسكها بكتاب الله الكريم. كما قال تعالى في محكم كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}. فهو شهر تصفو النفس فيه وتخشع القلوب وتلهث نحو خالق السموات والأرض طمعاً في الأجر والثواب وإن من أعظم الدروس وأجلها على الإطلاق هو تقرب العبد من خالقه استشعاراً بعظمته وفضله سبحانه وتعالى على العالمين كما قال نبي الأمة محمد صلوات الله وسلامه عليه (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، ويقول الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به. فقد ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) (اخرجه البخاري ومسلم). وقال صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) اخرجه البخاري ومسلم. لاشك أن هذا العطاء الكبير والثّواب الجزيل لا يكون لمن امتنع عن الطّعام والشّراب فقط، وإنما كما قال نبي الأمة محمد صلوات الله وسلامه عليه (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) أخرجه البخاري. وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (الصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، فإن سابه أحد فليقل إني امرؤ صائم )) اخرجه البخاري ومسلم. وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) اخرجه البخاري ومسلم. فيا أخي المسلم : اغتنم فضل شهرك الكريم، وما أعد الله فيه من الخير والإحسان لمن وفقه الله لصالح الأعمال وابذل قصارى جهدك لعل الله بفضله وكرمه وإحسانه أن يجعل عملك مبروراً وصومك مقبولاً لتنال الأجر والمثوبة من رب العباد فهو شهر عظيم جعله الله ميدانا لعباده يتسابقون إليه فيه بالطاعات ويتنافسون فيه بأنواع الخيرات كالصلوات والصدقات وقراءة كتاب الله الكريم والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان فتأسوا بينكم صلى الله عليه وسلم واقتدوا به في مضاعفة الجود والإحسان في شهر رمضان المبارك. وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، وليكن عليك وقار وسكينة ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء) فينبغي للصائم الإكثار من تلاوة كتاب الله الكريم بتدبر وتعقل والإكثار من أداء الصلوات والصدقات والذكر والاستغفار وسائر أنواع القربات في الليل والنهار اغتناماً للزمان ورغبة في مضاعفة الحسنات ومرضاة فاطر الأرض والسموات واحذروا شتّى أنواع المعاصي التي تنقص الصوم وتضعف الأجر وتغضب الرب عزَّ وجل كالتهاون بالصلاة والبخل بالزكاة وأكل الربا وأكل أموال الناس بالباطل وأكل أموال اليتامى وأنواع الظلم وحقوق الوالدين والغيبة والنميمة والكذب والحسد والحقد والكراهية والبغضاء. يا شهر الخير والإحسان اسمك كريم وفضلك عظيم وخيرك كثير....... وختاماً: أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبل منا الصيام والقيام ويصقل أرواحنا إنه غفور رحيم، والحمد لله رب العالمين. عبد العزيز صالح الصالح