دخل خاميس رودريجيز الى مونديال البرازيل 2014 وهو مغمور بعض الشيء نظرا الى مغامرته الاوروبية التي قادته اولا الى بورتو البرتغالي ثم الى موناكو الفرنسي الذي كان صاعدا للتو من الدرجة الثانية، لكنه ترك ملعب «استاديو كاستيلاو» في فورتاليزا وهو نجم عالمي من الطراز الرفيع جدا. فرض رودريجيز الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، نفسه كنجم للنسخة العشرين من العرس الكروي العالمي بامتياز، رغم وجود لاعبين من طراز الارجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي نيمار، وذلك بعدما قاد كولومبيا لبلوغ الدور ربع النهائي للمرة الاولى في تاريخها قبل ان ينتهي مشوارها على يد البرازيل المضيفة بالخسارة امامها 1-2. وأبى صانع العاب موناكو ان يترك مونديال البرازيل دون ان يترك بصمته في مباراته الاخيرة له في بلاد السامبا، اذ سجل هدفه السادس في مباراته الخامسة في النسخة العشرين، ليصبح بالتالي اول لاعب يصل الى الشباك في المباريات الخمس الاولى منذ ان حقق البرازيلي ريفالدو ذلك عام 2002، علما بان الفرنسي جوست فونتين (1958) والبرازيلي جرزينيو (1970) هما اللاعبان الوحيدان اللذان وصلا الى الشباك في المباريات الست الاولى في النهائيات. وكان رودريجيز اول لاعب يشارك للمرة الاولى في نهائيات كأس العالم ويسجل اربعة اهداف في اربع مباريات منذ ان حقق الايطالي كريستيان فييري اربعة اهداف في باكورة مشاركاته في مونديال 1998. لكن رصيده سيتوقف عند ستة اهداف رغم محاولاته ورفاقه في الدقائق الاخيرة من اجل الابقاء على امال بلادهم بمواصلة هذه المغامرة الحالمة من خلال ادراك التعادل. «نشعر بالحزن لأننا أردنا الذهاب أبعد من ذلك في كأس العالم»، هذا ما قاله رودريجيز الذي بكى طويلا بعد نهاية اللقاء ودفع بلاعبي البرازيل دافيد لويز ودانيال الفيش الى التوجه نحوه من اجل مواساته اعترافا منهما بالنكهة المميزة التي أعطاها لمونديال بلادهما. ولم يكن لويز وألفيش الشخصين الوحيدين اللذين تعاطفا مع رودريجيز بل ان آلاف الاشخاص من حول العالم بين متخصصين كرويين ولاعبين سابقين ومدربين وجماهير وفنانين عالميين مثل شاكيرا وريهانا أشادوا بهذا اللاعب وبالأداء الرائع الذي قدمه، وحتى ان احد الصحافيين الانجليز تمنى لو ان هناك مباريات لتحديد المركزين السادس والثامن من اجل رؤية المزيد من رودريجيز. لقد أثر رودريجيز كثيرا بجميع من يتابع كأس العالم في البرازيل بسبب مهاراته الرائعة التي تجسدت بالهدف المذهل الذي سجله في مرمى الاوروجواي في الدور الثاني. وجاء هدف رودريجيز الذي افتتح به التسجيل قمة في الروعة عندما استلم الكرة على مشارف المنطقة وظهره للمرمى، فقام بسيطرة موجهة وأطلقها بيسراه اصطدمت بالعارضة وسقطت خلف الخط ممهدا الطريق امام فريقه لبلوغ الدور ربع النهائي للمرة الاولى في تاريخه. وحسم رودريجيز النتيجة تماما لمصلحة فريقه بتسجيله الهدف الثاني بعد لعبة مشتركة رائعة. «أريد أن أشكر الشعب الكولومبي لأنه لطالما ساندنا وآمن بنا"، هذا ما اضافه رودريجيز بعد الوداع المؤثر لمونديال البرازيل، مضيفا: «نشعر بالحزن لكننا فخورون ايضا لأننا قدمنا كل شيء وسنحاول ان نواصل مشوارنا على هذا المنوال». ومن المؤكد ان رودريجيز أنسى الشعب الكولومبي لاعبين مثل كارلوس فالديراما، فاوستينو اسبريا، رينيه هيغويتا او فريدي رينكون، ومن المتوقع ان يرتقي الى مستوى نجوم العيار الثقيل في المستقبل القريب كونه يتمتع بكل هذه الموهبة والنضوج الكروي وهو لا يزال في الثانية والعشرين من عمره وسيكون من الصعب على فريقه الحالي موناكو الاحتفاظ بخدماته طويلا. اعتبر كثيرون ان غياب هداف كولومبيا الخطير راداميل فالكاو سيترك ثغرة كبيرة في خط المقدمة؛ بيد ان رودريجيز لم ينجح فقط في تعويض غياب زميله في موناكو بل انه فرض نفسه احد افضل نجوم نهائيات البرازيل، وإذا أنصفه القدر قد يكافأ على جهوده بنيله جائزة هداف البطولة؛ كونه يتصدر حاليا بستة اهداف وبفارق هدفين عن نيمار الذي لن يتمكن من مواصلة المشوار رغم تأهل بلاده الى نصف النهائي، وميسي والالماني توماس مولر. وفي حال لم يتوج رودريجيز بجائزة الحذاء الذهبي لأفضل هداف، فبإمكانه الافتخار على أقله بأن ساهم بالعودة الموفقة لبلاده الى العرس الكروي العالمي بعد غيابها عنه لمدة 16 عاما.