جثة طفل في الخامسة من عمره ترقد على سجادة داخل مسجد بمدينة حمص.. كان هذا أحد الادلة المفجعة التي واجهتها بعثة مراقبي جامعة الدول العربية على سفك الدماء الذي تشهده سوريا. قال رجل لاثنين من المراقبين، اسمه أحمد محمد الراعي: انظرا لهذا.. هذا حدث على الرغم من وجود الجامعة العربية. بعد ذلك كشف احد المشيّعين الكفن الابيض ليظهر ضمادة غارقة في الدماء وأثر طلق ناري في ظهر الطفل.. وصوّر ناشط هذا المشهد بهاتفه المحمول وتمّ رفعه على موقع يوتيوب. بعد مضي ثلاثة أيام على عمل البعثة قال مراقب في لقطة بثتها قناة الجزيرة الاخبارية ان هدف المراقبين هو المراقبة وليس الإطاحة بالرئيس وان الهدف هو إعادة السلام والامن الى سوريا. ويشكّك محتجون في سوريا وزعماء للمعارضة ومعلقون اجانب الآن في جدوى بعثة المراقبة، كما أن تعيين الفريق اول الركن محمد احمد مصطفى الدابي وهو الذي له سجلّ سيئ لحقوق الانسان رئيسًا لبعثة المراقبة ألقى بظلال من الشك على مدى نزاهتها. ففي اليوم الذي وصلت فيه طليعة المراقبين الى العاصمة دمشق قال المرصد السوري لحقوق الانسان ان الدبابات قصفت مناطق مضطربة في حمص التي هي من معاقل الاحتجاجات مما أسفر عن سقوط اكثر من 30 قتيلًا. وعندما وصل المراقبون الى حمص في اليوم التالي وهو 28 ديسمبر كان القناصة متمركزين فوق أسطح المباني المطلة على الشوارع التي تنتشر بها القمامة، حيث تلطخ بقع الدماء الارصفة.. خرج الناس لاستقبال المراقبين ليفاجأوا بأن عناصر من الجيش السوري ترافقهم. وأقل ما يمكن قوله ان الناس شعروا بخيبة أمل جراء التقييم الاولي الذي قدّمه رئيس بعثة المراقبين الفريق الدابي بعد جولة أولى قصيرة قام بها في ذلك اليوم. وأثار اختيار الدابي لرئاسة البعثة قلقًا بين جماعات لحقوق الانسان ومتابعين للوضع في سوريا. وقال اريك ريفز الاستاذ بجامعة سميث في ماساتشوستس ان اختياره مؤشر على أن جامعة الدول العربية ربما لا تريد من مراقبيها أن يخلصوا الى نتائج تفرض عليها القيام بتحرُّك اقوى. وقال أحد المحتجين، ويدعى تامر في حمص: هذه البعثة كذبة كبيرة. ويقول نيكولاوس فان دام خبير الشؤون السورية والدبلوماسي الهولندي السابق ان بعثة الجامعة العربية خطوة على الاقل في ظل غياب أي مبادرات أخرى. وقال فان دام: أقترح أن ننتظر لكي نرى.. اذا خلصت البعثة الى أن الوضع بالسوء او حتى نصف السوء الذي تتحدث عنه المعارضة فهذا في حد ذاته انجاز. قد تحال القضية الى مجلس الامن الدولي. لكن وحيد عبدالمجيد من مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة قال انه يخشى من أن يتحوّل فريق المراقبة دون قصد الى شاهد زور مشيرًا الى أن الجامعة العربية ليس لديها المزيد لتقدّمه.