في العقود القليلة الماضية .. حظي التلاميذ ذوو الإعاقات المختلفة باهتمام واضح، وقد تجلَّى هذا الاهتمام في العمل على تقديم البرامج التربوية الخاصة والخدمات المساندة بشكل مناسب ومجانيٍّ، وذلك من منطلق إيمان تلك البرامج والخدمات بالدور الذي تؤديه في إكساب المعاقين المعارف والمهارات اللازمة لتمكينهم من الحياة باستقلالية قدر الإمكان. ولعل أبرز مظاهر الاهتمام هي محاولة تقديم الرعاية المناسبة لهم، والعمل على دمجهم مع أقرانهم الأسوياء من خلال تقديم البرامج والخدمات في البيئة التربوية، ودعم انخراطهم في المجتمعات المحلية بمحاولة إكسابهم المهارات اللازمة لإنجاح تفاعلهم في تلك المجتمعات، وحول محور هذا الموضوع قال الأستاذ المساعد بقسم التربية الخاصة بجامعه الملك سعود الدكتور تركي عبدالله القريني :» يمر الأفراد من ذوي الإعاقات المختلفة بمراحل انتقالية، شأنهم شأن أقرانهم العاديين، إلا أن مراحل انتقالهم ذات خصائص ومتطلبات فريدة، كما أن انتقال هؤلاء الأفراد يقوم على وجود درجة ملائمة من المهارات والخبرات التي تسهل انتقالهم من مرحلة لأخرى، ومما ساندهم للوصول إلى عالم الكبار والاستقلالية وعملية الانتقال من مرحلة إلى أخرى تعد نتيجة طبيعية لعملية النمو والتنشئة الاجتماعية، لأنها في معظم الأحيان تُشكل تحدياً كبيراً يصعب على الطفل أو الشاب مواجهته «، وأضاف د.القريني :» في ظل تلك الاحتياجات والمتطلبات ذات الطابع الفريد أصبحت هناك حاجة ملحة لوجود مزاوجة بين خدمات التربية الخاصة والمساندة من جانب .. وبين ما يعرف بالخدمات الانتقالية (Transition services) من جانب آخر، وهي التي يمكن أن تدعم هذا الانتقال بقصد تسهيل وتيسير انتقال هؤلاء التلاميذ إلى مجالات حياتية أخرى أكثر أهميه بالنسبة لهم، ويمكن وصف الخدمات الانتقالية بأنها مجموعة من الأنشطة التي يمكن تقديمها للطفل الذي يعاني من إعاقة، والتي صُممت من أجل تهيئته، وإعداده للوصول إلى نتائج متوقعة ومرغوبة، و تركز على تحسين الجانب الأكاديمي والوظيفي للطفل المعاق، لتسهيل انتقاله من المدرسة إلى مرحلة ما بعد المدرسة، ويتضمن ذلك المرحلة الجامعية والتعليم المهني والتعليم الوظيفي والعيش باستقلالية أو المشاركة الاجتماعية الفاعلة»، وأضاف د. القريني في موضع آخر من حديثه :» تبدو الحاجة أيضاً إلى الخدمات الانتقالية أكثر ضرورة، لأن الكثير من الأفراد ذوي الإعاقات المختلفة يتجاوزون سن المدرسة وهم محتاجون إلى العديد من المهارات الأكاديمية والاجتماعية التي تؤهلهم لمقابلة احتياجات سوق العمل، إضافةً إلى ذلك فإن هناك نسبة ضئيلة من هؤلاء الأفراد يستطيعون الالتحاق ببرامج ما بعد المرحلة الثانوية، كالبرامج المهنية أو الأكاديمية في المرحلة الجامعية»، وأشار الدكتور القريني إلى أن هناك نسبة كبيرة من هؤلاء الأفراد لا يستطيعون الحصول على فرص للعمل، وذلك بسبب عدم اكتسابهم مهارات معينة تعمل على صقل قدراتهم وتنمية احتياجاتهم بما يتناسب مع طبيعة الوظائف والمهن المتاحة، وبناء على ذلك يمكن تلخيص أهمية الخدمات الانتقالية في كونها تعمل على تحديد إمكانيات واهتمامات ورغبات الطالب ذي الإعاقة للمراحل أو البيئات المستقبلية التي سوف ينتقل إليها، كالانتقال من المرحلة الثانوية إلى مرحلة العمل أو الاستقلالية بوصفهم أفراداً بالغين، كما تعمل تلك الخدمات على تعريف الطالب ذي الإعاقة المتعددة وأسرته بالمصادر والخدمات المتاحة له في المجتمع وأسرته التي يمكن أن تسهل انتقاله في المستقبل، كما تسهل هذه الخدمات لهؤلاء التلاميذ إنشاء علاقة مع مؤسسات المجتمع العامة والخاصة، وإشراك تلك المؤسسات في إعداد هذا الطالب لسوق العمل من خلال التدريب في مرافق تلك المؤسسات، ومن الممكن أن تساهم الخدمات الانتقالية على تعرف الطفل على الفرص التعليمية المتاحة لما بعد المرحلة المدرسية «