تصريح وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري حول صعوبة إيجاد موظف سعودي يستطيع أن يقوم بهذه الأعمال (أعمال الملحقيات والإشراف الدراسي)، أو (لديه الرغبة في الإقامة بدول الملحقيات التعليمية) يبدو أنه يفتح بابًا واسعًا لأسئلة كثيرة تتعلّق بعمل الملحقيات والظروف الجديدة التي تصاحب برامج الابتعاث وبابًا لن يغلق حول التوظيف والبطالة وتحقيق رغبات الانتقال والعمل وهي شكاوى مستمرة ودائمة سواء ما يتعلّق منها بالوزارة نفسها أبو بوزارات ومؤسسات أخرى. أي مسؤول يعرف أن هذه الأبواب تحتاج إلى شاحنة «بنادول». ردود الفعل المباشرة كانت أكثر من 300 ردّ وربما توقفت عن الزيادة لأسباب تقنية، وكانت كلها تقول «أنا مستعد» ومن ضمنهم موظفون في الوزارة نفسها وفي إدارة البعثات تحديدًا. تشير معظم الدراسات حول معدل ساعات العمل «الفعلية» في العالم العربي، والدراسة تحدّد الوظائف الرسمية الحكومية، أن عدد ساعات العمل الفعلية للموظف في العالم العربي تتراوح من 10 دقائق إلى ساعة، وهذه بالطبع متوسطات العمل الفعلي، من ساعات عمل نظامية تتراوح من 6 ساعات إلى 8 ساعات. المشكلة الرئيسية التي أشار لها معالي الوزير هي في ثلاث نقاط مهمة لكنها في التصريح بدت هامشية جداً أمام قنبلة «الرغبة» التي ينتظرها مئات العاطلين والراغبين، الذين انتظروها ونظروا إليها كاتهام شخصي.. (الفترة الزمنية القصيرة التي شهدت تزايدًا بعشرات الآلاف من المبتعثين، الإجراءات النظامية للتعاقد والتكليف والتأشيرات للموظفين، الجانب الاجتماعي للموظف السعودي «الاستقرار» والارتباطات العملية). كل واحدة من هذه المشكلات التي تواجهها الوزارة هي مشكلة حقيقية، الأولى أنه لا يمكن وضع حلول مباشرة تتزامن مع الأعداد الكبيرة من المبتعثين بسبب وجود العائق الثاني، المرتبط أصلًا بإجراءات ليست نظامًا ولا إجراءً وطنيًا بل هو مرتبط بسياسات وأنظمة دول أخرى، بالإضافة إلى أن السبب الثالث مهما حاولنا تجاوزه إلا أنه يمثّل مشكلة حتى على مستوى العمل داخل المنظومة الاجتماعية السعودية، وهذه المشكلة تواجهها المؤسسات الحكومية في طلبات النقل الداخلية التي تضغط دائمًا على الظروف الاجتماعية لتحقيق رغبات الانتقال، أو في ساعات العمل أو الارتباطات الأسرية مدارس أو عمل الزوجات. الوزارة شدّدت في إجراءات سابقة حتى على المتعاقد معهم من جنسيات الدول مواقع الملحقيات، وتمّ فصل موظفين متقاعسين عن أداء عملهم تجاه المبتعثين، حسب الخبر. هذه محاولة لقراءة الخبر، لكن أيضًا مما لم يقله الخبر أن الانضباط الوظيفي معدّلاته متناقصة محليًّا، وأن الإنتاجية معدلاتها متدنية جدًا، وأن ساعات العمل الفعلية، وهي في أدنى حالاتها محليًّا، لا تتناسب وطبيعة عمل الملحقيات. لا أحد يخفى عليه أنه لا يوجد موظف سعودي لم تسأله ويقول لك: «والله ضغط عمل» وأنه «يا أخي ماني مرتاح وودي بالنقل» و»ياحظكم مرتاحين»! هذه الثقافة التي تمثّل فيها الوظيفة الحكومية صمام أمان لن تصمد أمام عشرات الآلاف من المبتعثين الذين يحتاجون من يقف على قدمَيه ليعمل 18 ساعة يوميًّا دون أن يتذمّر ومن اجل خدمة المبتعثين لا من أجل ساعات خارج الدوام والانتدابات، والحديث هنا عن بعض الملحقيات التي تتجاوز فيها أرقام المبتعثين عشرات الآلاف. أنا هنا أقرأ ما يمكن قراءته ولا أدافع عن الوزارة ولا أثني على كلام الوزير لكن واقع «بعض» الملحقيات الثقافية، عن قرب، يقول إن كلام الوزير أعلاه كان خفيفًا إزاء جدية وانضباطية وإنتاجية الموظف السعودي التي نحاول أن نخفي شمسها بغربال الأمنيات. [email protected]