هددت ايران اليوم الاربعاء بمنع تدفق النفط عبر مضيق هرمز في حالة فرض عقوبات أجنبية على صادراتها من النفط بسبب برنامجها النووي في خطوة من الممكن أن تشعل صراعا عسكريا مع الاقتصادات المعتمدة على نفط الخليج. وتصاعدت التوترات الغربية مع ايران منذ صدور تقرير في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة قال ان طهران عملت فيما يبدو على تصميم قنبلة نووية وربما تواصل السعي لتحقيق ذلك الغرض. وتنفي ايران هذا بشدة وتقول انها تعمل على تحقيق قدرات نووية لاغراض سلمية. ووسعت ايران من أنشطتها النووية على الرغم من أربع مجموعات من عقوبات الاممالمتحدة المفروضة منذ عام 2006 بسبب رفضها تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم الحساسة وقبول دخول مفتشين ومحققين من الاممالمتحدة. ويعتقد الكثير من الدبلوماسيين والمحللين ان العقوبات التي تستهدف فقط قطاع النفط شريان الحياة بالنسبة لايران قد تكون موجعة بالقدر الكافي بشكل يدفعها لتغيير مسارها لكن روسيا والصين وهما شريكتان تجاريتان كبيرتان لطهران منعتا مثل هذه الخطوة في الاممالمتحدة. وجاء تحذير ايران امس الثلاثاء بعد ثلاثة أسابيع من اتخاذ وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي قرارا بتشديد العقوبات بسبب تقرير وكالة الطاقة الذرية ووضعوا خططا لفرض حظر محتمل على النفط من خامس أكبر مصدر للنفط في العالم. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية عن محمد رضا رحيمي النائب الاول للرئيس الايراني قوله "اذا فرض الغرب عقوبات على صادرات النفط الايرانية فلن تمر نقطة نفط واحدة من مضيق هرمز". وقالت وزارة الخارجية الامريكية أنها ترى "عنصر توعد وترهيب" في التهديد الايراني وأكدت أن الولاياتالمتحدة ستعمل على التدفق الحر للنفط. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر "انها محاولة أخرى لصرف الانظار عن المسألة الحقيقية وهي استمرار عدم تقيدهم بالتزاماتهم النووية الدولية." وتزامنت تصريحات رحيمي مع تدريبات بحرية ايرانية لعشرة أيام في مضيق هرمز والممرات المائية المجاورة في استعراض للقوة العسكرية بدأ يوم السبت. وقال رحيمي "لن يتخلى أعداؤنا عن مؤامراتهم على ايران الا اذا أعطيناهم درسا واضحا وقويا." وقال وزراء الاتحاد الاوروبي في الاول من ديسمبر كانون الاول ان قرار فرض المزيد من العقوبات يمكن أن يتخذ في موعد أقصاه موعد اجتماعهم في يناير كانون الثاني لكنهم يتركون مسألة فرض حظر على النفط الايراني مفتوحة. وتحصل دول في الاتحاد الاوروبي على 450 ألف برميل يوميا من النفط الايراني أي نحو 18 في المئة من صادرات ايران والتي يذهب الكثير منها الى الصين والهند. ورفض مسؤولون في الاتحاد الاوروبي التعقيب أمس. وأظهرت الادارة الامريكية لمعلومات الطاقة انه في عام 2009 تم شحن نحو ثلث النفط الذي ينقل بحرا عبر مضيق هرمز وتحرس السفن الحربية الامريكية المنطقة لضمان المرور الامن. ويجب أن يمر أغلب النفط المستورد من المملكة العربية السعودية وايران والامارات العربية المتحدة والكويت والعراق الى جانب كل الغاز الطبيعي المسال تقريبا المستورد من قطر عبر مضيق هرمز الذي يبلغ اتساعه 6.4 كيلومتر بين سلطنة عمان وايران. كما لمحت ايران الى انها من الممكن أن تضرب اسرائيل والمصالح الامريكية في الخليج ردا على أي ضربة عسكرية تستهدف منشاتها النووية وهو خيار يمثل الملاذ الاخير لمحت له واشنطن والدولة اليهودية. لكن بعض المحللين يقولون انه سيكون من الصعب على ايران اغلاق المضيق لانها من الممكن أن تعاني اقتصاديا تماما مثل الدول الغربية المستوردة للنفط ومن الممكن أن يشعل هذا حربا مع قوى كبرى متفوقة عسكريا. وقالت مصادر في قطاع النفط أمس ان السعودية ودول الخليج مستعدة لتعويض النفط الايراني في حالة تسبب العقوبات في وقف صادرات النفط الايراني الى اوروبا. وكان وزير النفط الايراني رستم قاسمي قد قال ان السعودية وعدت بألا تحل محل النفط الايراني في حالة فرض عقوبات. وقال مصدر مطلع في القطاع "لم تصدر وعود لايران.. من غير المرجح بصورة كبيرة ألا تسد السعودية فجوة الطلب في حالة فرض عقوبات." وقالت وفود خليجية في منظمة "أوبك" ان تهديدا ايرانيا باغلاق مضيق هرمز سيضر بايران تماما مثل الدول المنتجة الرئيسية التي تستخدم أيضا أهم ممر ملاحي لتصدير النفط في العالم. وارتفعت أسعار النفط امس نتيجة مخاوف من تأثر الامدادات والتدريبات البحرية الايرانية في ممر حيوي لشحن النفط. وأضاف المصدر المطلع في قطاع النفط لرويترز أنه في حالة فرض عقوبات للاتحاد الاوروبي فمن المرجح أن تصدر ايران المزيد من نفطها الى اسيا في حين ان دول الخليج ستوجه صادراتها الى أوروبا لسد الفجوة الى حين استعادة التوازن في السوق مرة أخرى. وقال محلل بارز انه في حالة تمكن ايران من اغلاق مضيق هرمز فان ما يترتب على ذلك من ارتفاع في أسعار النفط يمكن أن يضر بالاقتصاد العالمي لذلك من المرجح أن تتدخل الولاياتالمتحدة للحيلولة دون اتخاذ هذه الخطوة أصلا. وقال كارل لاري رئيس أويل اوتلوكس في نيويورك "أولا من المرجح ألا تسمح الولاياتالمتحدةلايران باغلاق المضيق. هذا ممر اقتصادي رئيسي وليس للنفط فحسب. اذا أغلق المضيق فاننا نتحدث عن ضرر كبير لكثير من اقتصادات الشرق الاوسط." وأضاف "ثانيا ليس هناك وسيلة يتمكن من خلالها السعوديون وحدهم من توفير النفط المطلوب من حيث الكم أو الجودة ليحل محل النفط الايراني." واقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استهداف ايران بحظر على النفط ونال الاقتراح مساندة بريطانيا لكن ما زالت مقاومة الفكرة قائمة داخل الاتحاد الاوروبي وخارجه. وربما يرفع حظر واردات النفط الايراني أسعار النفط العالمية في وقت من الازمات الاقتصادية كما أن اليونان التي تعاني من أزمة ديون طاحنة تعتمد على النفط الايراني ذي الاسعار الجيدة.