دولة تنفق من ميزانيتها مئات المليارات على مشاريع مختلفة إما لتطوير البنية التحتية أو لإنشاء مرافق جديدة في قطاعات كالصحة والتعليم وغيرهما، فيما تنفق دبي، تلك المدينة الصغيرة حجما الكبيرة أثرا، جزءا بسيطا من تلك المليارات على بناها التحتية ومشاريعها، حجم الإنفاق هنا ليس للمقارنة، فهذه دولة ذات دخل نفطي يعد من الأعلى في العالم، وتلك مدينة صغيرة تريد أن يكون دخلها من الأعمال والسياحة والترفيه. في هذه الدولة يأخذ حفر نفق أو توسعة طريق أعواماً، وفي نفس الفترة يتم إنجاز مناطق كاملة في دبي ببناها التحتية وناطحات سحاب. أما هنا فشبكة القطارات التي يسمع مواطنو الدولة أنها ستربط جميع أطرافها ظلت تدرس وتمحص لعقود حتى لم يعد أحد يصدق بها! فيما قامت دبي وبهدوء بإنشاء مترو في بضع سنين ليصبح رمزاً حضارياً وسببا في خفض أزمتها المرورية. أما المطارات فحدث ولا حرج، ويكفينا هنا أن نعرف أن تكلفة توسعة أحد مطارات الدولة يزيد 12 ملياراً فقط على كلفة توسعة مطار دبي البالغة 15 ملياراً. أما صالات الانتظار في مطار العاصمة، وحتى تلك الخاصة بالدرجة الأولى للرحلات الدولية التي تزين مدخلها لوحة تحمل اسم المؤسسة المشغلة وصاحبها، فلن يفهم سبب كونها كذلك إنسان ينظر ويقارن بعشرات الصالات التي تسر الناظرين في مطار دبي. وعلى الرغم من نجاحها وتميزها، أصبحت دبي سبباً في الصداع الدائم للعديدين، نظراً لكونها شاهداً راسخاً على الإتقان والتميز في التخطيط والتفعيل والأداء والرقابة. في هذه الدولة يأخذ حفر نفق أو توسعة طريق أعواماً، وفي نفس الفترة يتم إنجاز مناطق كاملة في دبي ببناها التحتية وناطحات سحاب. أما هنا فشبكة القطارات التي يسمع مواطنو الدولة أنها ستربط جميع أطرافها ظلت تدرس وتمحص لعقود حتى لم يعد أحد يصدق بها! ولا يخفى على الكثيرين كم الشماتة والتلذذ بآلام دبي أثناء الأزمة المالية العالمية، وكم من أصابع أولئك أشارت إليها، مؤكدين انفجار الفقاعة وهم في مقاه ومطاعم ومتنزهات وسينمات دبي يتسامرون! هم نفس الأشخاص الذين سخروا من استراتيجية الصناديق السيادية لدبي أيام الأزمة وكم خسرت نتيجة استثماراتها الجريئة، متناسين أداءها قبل الأزمة بسنوات حتى قبل أواسط 2008 ببضع شهور فقط. هم لم يستثمروا في صناديق سيادية أو استثمارات تشغيلية عالمية ولا مشتقات أو حتى أسهم، استثمروا في أذون خزينة وسندات، فلم يتأثروا بالأزمة العالمية، لكنهم لم يجنوا ثمار عقد من الازدهار الاقتصادي. هم لم يفعلوا خطط التطوير والتحديث الشامل، مدنا كانت أم مشاريع مليارية، فلا ناطحات سحاب رأوا ولا بنى تحتية متطورة أشادوا. هم لم يستطيعوا فك احتكار شركتي المقاولات اللتين تفوزان بكل مشروع مهم، فلم يعودوا يرون سواهما، والشركتان أعانهما الله لديهما عشرات المشاريع في كل مكان فلم العجلة؟ هم لم يستفيدوا من دروس غرق مدن بأكملها بسبب زخات مطر لا تزورهم إلا في كل حول مرة، ليدمر بناهم المتهالكة ويقتل من أبنائهم المئات، وهم بالتأكيد لا يهتمون لأن يكون للمواطن مكان يسعده وعائلته ليتنسموا ويترفهوا دون منغص، لأن بإمكانهم أن يفعلوا ذلك في دبي! فلماذا يكرهونها إذاً؟ twitter | @alkelabi ، www.alkelabi.com