جماعة الإخوان المسلمين، الفائز الأكبر في جولتي الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر، عبر ذراعها السياسية «حزب الحرية والعدالة». والجماعة التي تثير الجدل منذ إنشائها قبل قرابة 90 عاماً، لا تزال تلهب الساحة المصرية، حيث فشلت جميع الجهود الحكومية المتعاقبة في إقصائها عن المشهد السياسي. كثيرون يتهمون الجماعة بالانتهازية السياسية، مستغلين مواقفها الأخيرة، مع التظاهر أو ضده، وكثيرون أيضا يخشون من تواجدها خاصة إذا تحالفت مع التيار السلفي المتعارض معها حالياً، رغم أرضيتهما الدينية المشتركة. ولإلقاء الضوء على مواقف الجماعة. «اليوم» التقت بواحد من أهم رموزها، الدكتور محمود غزلان عضو مكتب الإرشاد بالاخوان المسلمين، والمتحدّث الرسمي باسمها، في هذا الحوار: * هل كنت تتوقع النسب التي حصل عليها التيار الإسلامي في الانتخابات بمرحليتها الاولى والثانية...؟؟؟ نعم.. الذي رفع نسبة حصة التيار الاسلامي في نتائج الانتخابات هو دخول السلفيين الساحة السياسية بعد اعتزالهم طوال الفترة السابقة، وليس الاخوان المسلمون فقط، وهذا أمر يعتقد معه أن التيار الاسلامي بلا شك سيبقى ممثلاً للكثير من القوى الوطنية في مصر ويكفي حتى الآن أن الكثير من الاحزاب التي تقترب من 20 حزباً تنافس معها، وهذا ما لم يحدث في تاريخ البرلمانات المصرية على مدى تاريخها، في النهاية النتائج تعبّر عن الوزن النسبي لكل قوة في الشارع السياسي، فالقرار في النهاية هو قرار الشعب. مفاجأة سلفية * لكن المقصود هنا انه بالنسبة للاخوان لم يكن الامر مستغرباً كثيراً بالنسبة للإخوان لكنه كان مفاجأة من التيار السلفي؟؟ حقيقة.. السلفيون ليسوا فصيلاً واحداً، نعم الفصائل الكبيرة منهم كانت تقف ضد الثورة، ومع تحريم الخروج على الحاكم أياً كان، وكانت تحرم دخول البرلمان على اعتبار أن هذا الأمر شرك، وكانت تنظر للديمقراطية على أنها معصية كبيرة إن لم تكن كفراً، ولكن الواضح أنه بين يوم وليلة تغيّرت افكارهم ونزلوا الساحة السياسية عندما استشعروا أن عددهم كبير وأن لهم رصيداً شعبياً نتيجة أنه خلال فترة 30 سنة من حُكم مبارك كان مسموحاً لهم بالعمل في المساجد وبالتالي تمكّنوا من تشكيل قاعدة شعبية كبيرة لهم اعتمدوا عليها في النزول للساحة السياسية والترشّح للبرلمان في الوقت الراهن، لكن أيضاً كان منهم من شارك في الثورة وتواجد في التحرير وان لم يكونوا كثرة لكن منهم من أيّد الثورة ونزل الميدان رغم أن الغالبية العظمى كانت على الرأي المخالف.. * هناك مبادرة حالية بتسليم السلطة لمجلس الشعب المنتخب؟ ما رأيكم فيها؟ لم نطالب بتسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب، ومن صرّح بذلك من أعضاء الإخوان عبّروا عن رأيهم الشخصي، وإن كنا نتفق على أهمية التعجيل بإجراء الانتخابات الرئاسية بإجراءات دستورية سليمة. هذه فتنة * هناك حنق من جانب البعض عليكم لغيابكم عن الميدان؟ هذه «فتنة» لا نعلم مَن وراءها، وأن الذى يعلم ذلك هو «المجلس العسكري» لكنه يخفي الحقيقة، ففي الميدان مجموعة من البلطجية والمجلس العسكري يعرفهم جيداً، وأحد قادة الجيش قال إن هناك بعض الدول تموّل البلطجية لحدوث فتنة وبلبلة في البلاد، وقد ذكر هذه الدول وهي تعطي مساعدات لمصر ومن أجل ذلك لا يريد المجلس العسكري الإعلان عن التفاصيل. * هل يمكن أن يكون هناك صدام بينكم وبين المجلس العسكري؟ كلمة «صدام» ليست واردة في قاموسنا، نحن أناس توافقيون، إننا نؤيد بقاء المجلس العسكري حتى تسليم السلطة في جدولها الزمني المتفق عليه، ولا مانع من تقديم الانتخابات الرئاسية وأن البلد يحتاج الآن إلى تحكيم العقل وبناء مؤسسات الدولة والاتجاه السليم نحو تسليم السلطة. كذب وافتراء * هناك أيضاً حديث على أنكم حصلتم أيضاً على تمويل خارجي؟ هذا كذب وافتراء علينا ومن قاله يجب أن يتم التحقيق معه. لا تحالف * مساحة الاختلاف بينكم وبين والسلفيين في البرلمان المقبل.. هل تتحوّل الى صدام أم يمكن ان تتحالفوا معهم؟ بالنسبة لعملية التحالف أو غيره أنا اعتبر أن هذا سابق لأوانه.. لكن نحن كإخوان بطبيعتنا أناس توافقيون، ونعتقد أن مصر مشاكلها ضخمة للغاية، ولا يستطيع فصيل وحده أن يتحمل هذا العبء ويحل هذه المشكلات، ولذا نحن من أول لحظة دعونا الى ما سُمّي بالتحالف الديمقراطي، وشارك فيه حزب النور أكبر حزب سلفي ثم بعد فترة استقال من التحالف ليخوضوا الانتخابات بقوائم منفصلة وهذه حريتهم، ونحن نحترم قرارات القوى جميعها، إننا نتحاشى أيضاً التصادم ونحاول أن نحل المشكلات بطريقة الحوار والتفاهم ويكفي أننا حتى الآن في هذا التحالف الوطني الذي يقوده «الحرية والعدالة» هناك حوالي 10 أحزاب عدد منهم قليل اسلامي والباقي ليبرالي أو وطني، فنحن نحرص على التعامل مع الجميع من أجل الصالح العام. قرار نهائي * بالنسبة لانتخابات الرئاسة.. هل تعودون ايضاً عن تصريحاتكم بالنسبة لترشيح رئيس جمهورية؟ هذا قرار نهائي لا رجعة فيه، ومسألة واضحة.. نحن غيّرنا في الانتخابات لأن النظام الانتخابي تغيّر وفُرضت علينا أمور لم تكن موجودة ولكن بالنسبة لانتخابات الرئيس المرشّح هو شخص واحد ونحن قلنا: لن نرشّح أحداً وربما لم نجد حتى الآن من بين المرشحين مَن ندعمه. الشريعة مع الحرية * هناك نبرة تصعيد من جانب البعض ضد قوى الإسلام السياسي عموماً.. ترى هل تختلف المواقف عندما تكونون في الحكم؟ الحريات الشخصية جزء من الشريعة الاسلامية ويكفي أن مصرياً قال لعمرو بن العاص متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحراراً، والامام حسن البنا «رحمه الله» قال: الحكم ركن من أركان الاسلام والحرية فريضة من فرائضه فالحريات الشخصية فى العقيدة والعمل والتنقل والانتماء والرأي والسفر والتنقل كلها جزء من الشريعة الاسلامية ونحن هدفنا أن تطبيق الشريعة الإسلامية وبالتالي فالحرّيات العامة مكفولة بكفالة الشريعة نفسها لها. * وما موقفكم بالنسبة لتطبيق الحدود الشرعية؟ بالنسبة لتطبيق الحدود في حد ذاته.. الشريعة الإسلامية هي كل ما شرعه الله لعباده بدءاً بالعقيدة، وهنالك من يضع العقيدة في مقابلة الشريعة.. لا.. العلماء يقولون إن الشريعة تشتمل بما تشتمل عليه العقيدة، والنبي «صلى الله عليه وسلم» في الثلاث عشرة سنة الأولى كان يعرّف الناس العقيدة، ويربطهم بالله ويدرّبهم عليها ويحيي فيهم الضمائر حتى عندما تأتي تكاليف يسعون الى التنفيذ بدون مراقبة من أحد أو خوفاً من عقاب يقع عليهم، وهذا الكلام لخّصته السيدة عائشة التي حدّدت هذا المنهج الاسلامي في التغيير في حديث رواه الامام البخاري في الصحيح أن أول ما نزل من القرآن سور من المفصّل فيها ثواب وعقاب فيها ذكر الجنة والنار، ثم نزلت بعد ذلك الشرائع كتحريم الخمر والزنا.. وتعقّب بقولها: «ولو كانا اول ما نزل من القرآن لا تشربوا الخمر ولا تقربوا الزنا لقالوا والله لا ندعهما أبداً».. الشريعة هكذا تعمل.. بعدها العقيدة والعبادة مثل الصلوات الخمس لله والاخلاق القيم وبقية التصوّرات.. كل هذه المسائل دورها أن تبني الانسان من الداخل لأن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.. * ما ترتيبكم لاولويات المجتمع؟ لا شك في أن الحريات، والاقتصاد والعدالة الاجتماعية، ثم الأمن هي اساس صلاح اي مجتمع بحيث ننهض به لكن في غياب فقدان الامن والاكل لن يحسّ أحد بالاستقرار.