.. وأنا أستمع لكلمة الملك عبدالله الافتتاحية لقمة الخليج المنعقدة بالرياض، ردّدتُ : نعم، الآن، وليس غدا. إن دول الخليج العربي معرضة الآن وبمصارحة الواقع السياسي الاجتماعي والإقليمي إلى أخطارٍ محدقة، إن دول الخليج الآن على صفيح ساخن. وحتى يمكن إطفاء نار تلك الظروف المتراكمة والتي تتطاير ألسنتُها وتحرق أديم بشرة الوجه الخليجي، كله بلا استثناء، لا يكفي خرطوم وحيد لإطفائها وإخمادها .. وهنا نحتاج إلى كتيبةٍ إطفائيةٍ كاملةٍ وجادةٍ ومجهزة وعارفةٍ وخبيرةٍ في مكامن النيران.. تلك الكتيبة هي التصنيف السياسي الذي يسمى الكيان الواحد! كان القادة الخليجيون من عقود يتلون النصوصَ الختامية والكلماتِ الافتتاحية بنفس الصيغة وبذات الأمل في إيجاد كيان واحد، ولكي يكون الكيانُ واحداً يجب أولا أن تتوافر النياتُ التي تؤمن بكيان واحد، الآن لم يعد الوقت يسمح، لم يعد عندنا الخيار متاحا، لم تعد توجد بين خطواتنا وطرف الهوة السحيقة أي مساحة، فأما الكيان الواحد أو السقوط في الهاوية إن عدم صفاء بحيرة النيات في التضاريس السياسية الإقليمية الخليجية وضعت أسافين للأسف في الكيانات التي حاول الخليجيون أن يتوحدوا حولها، لأنه دائما تبرز أجندة المصلحة الضيقة، والأجندات الخفية والظاهرة، وبصراحة، حتى سماء الثقة بين دول الخليج اعترتها عواصف الشك والتخوف والقلق من بعضها البعض، ولم يكن هذا خافيا على أقل المراقبين مهارة في رصد الحياة السياسية الخليجية. الآن لم يعد الوقت يسمح، لم يعد عندنا الخيار متاحا، لم تعد توجد بين خطواتنا وطرف الهوة السحيقة أي مساحة، فأما الكيان الواحد أو السقوط في الهاوية، وأحيانا لا تحتاج عدوا ليدفعك للهاوية، ولكن .. حتى مزاحمة شقيق. حين لا يعرف الأشقاءُ أن المساحة لا تكفي للمزاحمة لأنها لا تسمح أن يسقط واحدٌ وينجو الآخر .. فالسقوطُ محتم لكليهما. للمصائب رغم مخاطرها إيجابيات، بل ان إيجابياتها كبرى تساوي عِظَم مخاطرها وتهديداتها، ويجتمع القادةُ الخليجيون الآن فعلا على صفيح ساخن يلفح الوجوه، وبدأت النيران تقترب لحدود المنزل الخليجي.. انقشع سحاب التخوف ليبدو أفقُ الخوف. إن حسابات العالم كلها تصب في الخليج، لا لن أقول مؤامرة يا عالم، إنها اللعبة السياسية المحترفة، حتى نحن كخليجيين يجب أن نتقن مهارة تلك اللعبة الأممية. إن الأرض كلها رقعة شطرنج كبرى والبيادق هي الدول حتى اللاعبون ينتقلون بأدوارهم بين البيادق وإدارة اللعبة .. العيبُ والخزي والضعف أن تبقى بيدقا طيلة حياتك ثم تصرخ بالمؤامرة .. يا أخي هذا هو واقع السياسة، بل حتى واقع الأفراد المصلحي، فقديما قيل في بلدان الخليج "كلٌ ينفخ نار الفرن لخبزته" لأن كلا يريد أن تنضج خبزته قبل الآخر، والنتيجة دائما لعدم توحد النفخ .. أننا لم نأكل سوى العجين. ليس لدول الخليج صديق على الإطلاق، الصديق خرافة كبرى. لدول الخليج متربصون ومستغلون نعم وهذا هو الطبيعي، والمصريون يقولون بواقعية درامية حكيمة : المال السايب يعلم الحرام .. لا خيار الآن ؛ اما ان نكون كيانا واحدا ، والا سنبقى مالا سائبا، وعجينا فجا .. [email protected]