هل للواجب المناط بنا ومد يد العون لمن يحتاجنا حد فاصل إذا امتزجا ببعضهما بعضا؟ هل نعي قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}؟ وهل طبقنا {كان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه}إ أعتقد أن تعاملنا السطحي جدا مع الآيات والأحاديث وفهمنا للقيم والمبادئ الإسلامية هو السبب في إقصائنا عنها. وهذا الفهم السطحي كلنا وقعنا في فخه ولا يحتمل علماء الدين وحدهم سوء فهمنا نحن وهم لتلك المعاني النبيلة التي لو تشربناها لكنا اليوم في أعلى مستويات الرقي الأخلاقي وما ينتج عنه من سلوكيات. إننا بحاجة إلى كم هائل من الصدق مع الذات والآخرين حتى ننجح في محاولات استعادة تلمس أثر الدين في داخلنا وليس في لفظنا وحركاتنا وسكناتنا فقط. إن سوء فهمنا للكثير والكثير من القيم الإنسانية النبيلة هو الذي جعل كثيرا منا يعيشون في عالمين. عالم واقعي وعالم افتراضي ولا أعني بالعالم الافتراضي (ذلك العالم التكنولوجي بكل ما فيه) بل أقصد ما يعيشه بعضهم من تمزق شخصي فهو في العمل ليس هو نفسه في البيت وهو مع أصحابه ليس هو مع الآخرين وهو في الشارع مختلف عن الجميع وهو داخل بلده ليس هو خارجها عشرات الأفكار والقناعات غير الثابتة تتبدل بتبدل المكان ومتطلباته وليس الحال كمن يلبس قناعا ويخلع آخر، لا. إنه خلع ولبس لحال كامل هيئة كاملة داخلية وخارجية.. الأحوال المتقلبة ما هي؟ هل هي نتيجة لقصورنا في الفهم؟ أم لأننا لم نفهم أصلا ووقفنا عند حدود اللغة اللفظية ولم نكلف أنفسنا عناء الغوص بحثا عن المعاني الدفينة لاستخراجها؟ ذهلت من معلومة عرفتها لأول مرة منذ فترة وجيزة وهي أن عقوبة السجن لم تعرف إلا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أما في عهد رسول الله وأبي بكر رضوان عليه فكان المخطئ يطبق فيه الحد ويكتفى بذلك.. الشرطي والسجان والمذنب بينهم عالم سقط فيه الكثير من الناس وانقلبت حياتهم رأسا على عقب لأننا لم نحسن التعامل معهم. إن مشروع سن قوانين بديلة أو عقوبات مختلفة عما هو متبع قد يحقق الكثير من الفوائد للأفراد وللمجتمع. إن المعونة ليست مادة فقط ولا نصحا وإرشادا فقط إنها أكبر من ذلك بكثير. أذكر حادثة وقعت لشاب كادت أن تتسبب بهدم حياته هدما ربما يدفعه إلى الاستسلام والركون للخطأ وتكراره. كان يعمل عملا مرموقا وينتسب لأسرة طيبة ولكنه أخطأ في حق نفسه تحت إغراء ما.. وبدأت ضوابط القانون تعمل ضده طوال الوقت إلى أن هيأ له الله من يسانده حتى لا يتهاوى عالمه الواقعي بتهاوي عالمه الافتراضي. ولكن هذا لا يحدث دائما. فما السبيل إذن لمنع المرحلة الأولى الخطأ؟.. إنها محاولات محاطة بالصعوبة فلابد أن يكون هناك من يخطئ كل يوم ولكن هناك أيضا من يجب أن يتعاون بكل طرق العون الممكنة طالما أن الضرر محصور في مكان ضيق النطاق. ذلك شكل من أشكال العون، فماذا لو كان العون عاما في كل جوانب حياتنا؟ هل سنشعر بالقصور والألم؟. إننا بحاجة إلى كم هائل من الصدق مع الذات والآخرين حتى ننجح في محاولات استعادة تلمس أثر الدين في داخلنا وليس في لفظنا وحركاتنا وسكناتنا فقط. [email protected]