يعقد زعماء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماع قمتهم ال32 في الرياض، وسيقود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعمال ونشاط العمل الخليجي المشترك في هذه الدورة الخليجية ابتداء من اليوم. ويعقد القادة اجتماعهم في جو عربي عاصف، وظروف بالغة الصعوبة، بالنظر إلى الاضطرابات التي تلم بدول عربية عديدة، والتهديدات التي يتلقاها الخليج العربي من إيران التي بدأت تفقد أوراقها بفقدان أتباعها أو بضعفهم. ويعول مواطنو مجلس التعاون على حكمة قادة المجلس وخبرتهم في إدارة القضايا ومعالجتها، خاصة أن دول الخليج قد مرت بظروف صعبة سابقاً واستطاعت، بحكمتها الشهيرة، أن تقود السفينة الخليجية إلى بر الأمان، وتنأى بها عن العواصف والتقلبات السياسية. وفيما يتعلق بالمسألة الإيرانية فإن دول الخليج قد اكتسبت مناعة خاصة بحكم معايشتها للتقلبات والمراوغات والتدخلات الإيرانية. ولا توجد دولة خليجية واحدة لم تعانِ من التدخلات الإيرانية. ولكن هذه التدخلات وإن كانت منغصة في مناسبات كثيرة إلا أنها باءت بالفشل. والموقف الخليجي الحازم الصلب الذي اتخذته ضد التدخل الإيراني في البحرين، قد جعل طهران تعيد حساباتها، وإن أخذتها العزة بالإثم وأطلقت أبواقها لتشتم دول الخليج وقادتها. وإضافة إلى المسالة الإيرانية، فإن دول الخليج أمامها مهمة إنجاح التسوية في اليمن واستقراره ليتفرغ هذا البلد للتصدي لتحديات التنمية، ويتخلص من الجيوب الأجنبية التي تحاول لخبطة الأوراق في هذا الجزء الحيوي من شبه الجزيرة العربية. وفيما يتعلق بسوريا فإن المواطنين السوريين الذين أصبحوا الآن رهائن لدى نظام الأسد وآلته العسكرية، يأملون أن تبادر دول مجلس التعاون لاتخاذ موقف متقدم لدعم قضيتهم بعد أن تخطو نقطة اللاعودة إلى النظام السابق. خاصة أن النظام السوري قد وظف سوريا وقوتها وأراضيها وعبقرية شعبها لخدمة التوسع الإيراني الذي يحيك الدسائس والمؤامرات ضد البلدان الخليجية، وأصبح نظام الأسد جزءًا من آلة العمل الإيرانية، على غير ما يريد المواطنون السوريون وعلى غير ما تسمح به عروبتهم. واتضح التحالف العراقي الإيراني السوري، بإيعاز من طهران للحكومة العراقية بأن تبذل جهدها ومحاولاتها في الجامعة العربية لإنقاذ النظام السوري، بما في ذلك التحذيرات العراقية والإيرانية وتصريحات الفرق الموالية لطهران التي تهدد بأن انهيار نظام الأسد هو انهيار للنظام العربي كاملاً. وعدد الضحايا الأبرياء في سوريا الذين بلغ رسمياً نحو خمسة آلاف شخص وفق تقارير الأممالمتحدة، وتقول المعارضة إن العدد الحقيقي للضحايا هو ضعف هذا الرقم، والاعداد الكثيرة من المعتقلين في السجون والمدارس والأماكن الأخرى، والجرحى الذين يقضون نحبهم في منازلهم خشية اعتقالهم إذا ما توجهوا إلى المشافي، كل ذلك يحتم على بلدان الخليج أن تتخذ موقفاً صارماً لتحرير السوريين من قبضة النظام وتبعية إيران، وإعادة بلاد الشام العربية الهوية والتاريخ إلى أحضان أمتها، لتكون سوريا عوناً للأمة وبناءً لمقوماتها بدلاً من أن تكون هدماً لها ونفياً للهوية العربية.