تجري هذه الأيام اختبارات قوة بين إيرانوالولاياتالمتحدة. فالتصريحات التهديدية متبادلة بين طهرانوواشنطن، على الرغم من الامريكيين يعلمون أن طهران تستخدم الدعاية التهديدية لتخويف الديمقراطيات الغربية، نظرًا لقناعتها أن الديمقراطيات تتمتع بنفس قصير في المواجهات الديبلوماسية. ولكن هذه القناعة خيبت ظنون الرئيس العراقي صدام حسين، الذي استخدم نفس الاستراتيجية التي تتبعها طهران، في استخدام الإعلام والتصريحات التهديدية التي تطلقها آلة إعلام النظام البعثي في عامي 1990 أثناء احتلال العراق للكويت، وفي عام 2003 حينما كانت الجيوش الأمريكية تستعد لغزو العراق. غير أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش انتقلت من الصراع الإعلامي مع نظام صدام إلى العمل العسكري إلى أن أطاح الجيش الأمريكي بنظام صدام في مارس 2003. ويتصاعد الخلاف بين واشنطنوطهران على الرغم من أن الولاياتالمتحدة، كقوة محتلة، سمحت لإيران بتدخل واسع في العراق. وقال الإيرانيون أنفسهم أنه لولا مساعدتهم لأمريكا ما كان للولايات المتحدة أن تتمكن احتلال العراق في وقت وجيز. وجوهر الخلاف بين إيران والغرب هو البرنامج النووي الإيراني الذي تقول البلدان الغربية وإسرائيل أن البرنامج يهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط. وفي وقت تروج إسرائيل أنها قد تلجأ إلى ضربة عسكرية للمفاعلات النووية الإيرانية، وربما تساعدها واشنطن في هذه العمليات، نقلت وكالة مهر للانباء عن البريجادير جنرال غلام رضا جلالي القائد بالحرس الثوري الايراني قوله أمس الاربعاء ان ايران قد تنقل عمليات تخصيب اليورانيوم الى مواقع أكثر أمنا اذا اقتضت الضرورة. وفي حالة حدوث أزمة داخل النظام الإيراني يلجأ مسئولوه إلى تصدير الخلافات إلى الخارج، وكثيرًا ما هدد مسئولون رفيعون في طهران بإعاقة الملاحة البحرية في الخليج العربي. ولم يفعلوا سوى مرة واحدة حينما استهدفوا سفنًا تبحر في الخليج، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، لكن كان التدخل الدولي سريعًا فاضطر الإيرانيون إلى تغيير قراراتهم.ولم يذكر التقرير تفاصيل لكن ايران أجرت استعدادات لنقل التخصيب لدرجة نقاء أعلى الى منشأة تحت الارض قرب مدينة قم لحماية النشاط النووي الحساس بشكل أفضل من أي هجمات عسكرية. وأسفر الجدل حول برنامج تخصيب اليورانيوم الايراني عن فرض القوى الغربية عقوبات اقتصادية مشددة على ايران وتقول اسرائيل والولاياتالمتحدة انهما لم تستبعدا الخيار العسكري اذا فشلت الدبلوماسية في اقناع طهران بتعليق أنشطتها النووية الحساسة. ونقلت وكالة مهر عن جلالي قوله: //اذا تطلب الامر سننقل مراكزنا لتخصيب اليورانيوم الى أماكن أكثر أمنا.// ويعتقد أن كثيرًا من تصريحات المسئولين الإيرانيين موجهة لطمأنة الإيرانيين من نظام يعاني من انقسامات خطيرة. وفي الاشهر الماضية اندلع صراع قوة بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومرشد إيران علي خامنئي الذي يسيطر على مفاصل القوة في النظام. وتشتبه قوى غربية في أن ايران تحاول تصنيع أسلحة نووية. وتنفي ايران ذلك وتزعم ان برنامجها لتخصيب اليورانيوم يهدف فقط لاغراض سلمية مثل توليد الكهرباء ولاستخدامات طبية. وتقول اسرائيل ان ايران المسلحة نوويا ستمثل تهديدا لوجودها. ويعتقد بشكل كبير أن اسرائيل تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط. ولمح تقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر الى أن ايران سعت للمعرفة اللازمة لصنع قنبلة ذرية حتى عام 2003 على الاقل. وتمكنت ايران من تخصيب اليورانيوم الى درجة نقاء 20 في المئة وهي نسبة تقول دول غربية انها أكثر مما تحتاجه الطاقة النووية السلمية. لكن درجة النقاء بنسبة 20 في المئة غير كافية لصنع قنبلة. وزاد من المخاوف الغربية تجاه دوافع ايران قول طهران في يونيو انها ستنقل انشطة تخصيب اليورانيوم لدرجة أعلى من محطة التخصيب الرئيسية قرب مدينة نطنز بوسط البلاد الى منشأة فوردو الموجودة في قلب جبل بقاعدة عسكرية سابقة. وفي الشهر الماضي قال تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران ركبت أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في فوردو وان المواد النووية نقلت الى هناك مما يشير الى احتمال بدء التخصيب قريبا في هذا الموقع. وتقول ايران ان ردها على أي عمل عسكري سيكون //مؤلما//. وقال جلالي رئيس الدفاع المدني الايراني //لو كان الامريكيون والاسرائيليون قادرين على مهاجمة منشاتنا النووية وتوجيه ضربة لها لاقدموا حقا على هذه الخطوة.// وصرح برويز سروري وهو عضو محافظ في البرلمان الايراني يوم الاثنين بأن ايران العضو في /أوبك/ تعتزم اجراء مناورات عسكرية قرب مضيق هرمز في الخليج حيث يمر نحو 30 في المئة من صادرات النفط الخام في العالم. لكن متحدثا باسم الخارجية الايرانية نفى تصريحات النائب الايراني قائلا: ان هذا رأيه الشخصي ولا يمثل الرأي الرسمي لايران. لكن مسؤولين ايرانيين حذروا في الماضي من اغلاق مضيق هرمز الحيوي كاجراء انتقامي في حالة تعرض المنشات النووية الايرانية لهجوم. وفي حالة حدوث أزمة داخل النظام الإيراني يلجأ مسئولوه إلى تصدير الخلافات إلى الخارج، وكثيرًا ما هدد مسئولون رفيعون في طهران بإعاقة الملاحة البحرية في الخليج العربي. ولم يفعلوا سوى مرة واحدة حينما استهدفوا سفنًا تبحر في الخليج، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، لكن كان التدخل الدولي سريعًا فأضطر الإيرانيون إلى تغيير قراراتهم. وبالإضافة إلى الخلاف حول الملف النووي نشأ خلاف جديد بين طهرانوواشنطن حول طائرة استطلاع أمريكية، ففي واشنطن أعلن رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الامريكي مايك روجرس الثلاثاء ان طائرة الاستطلاع الامريكية بلا طيار التي احتجزتها ايران اضطرت الى الهبوط بسبب «مشكلة تقنية» ولم تكن هناك باية حالة من الاحوال عملية قرصنة من قبل الايرانيين. واستولت إيران في الرابع من ديسمبر على الطائرة وهي من طراز «أر كيو-170 سانتينل» كانت على مسافة 250 كلم داخل المجال الجوي الايراني. ولشرح سبب استيلاء الايرانيين على هذه الطائرة قال مايك روجرس خلال لقاء مع معهد الابحاث «فورين باليسي اينيسياتف» انه لم تكن هناك «سوى مشكلة تقنية». مضيفًا «حصلت مشكلة تقنية هي من مسؤوليتنا ومن مسؤولية شخص آخر».