حظي كتاب سير أعلام النبلاء بعناية كثير من محبي قراءة السير,خاصة وأن مصنفه الإمام الفذ الذهبي- رحمه الله- قد شمل في كتابه سير عظماء الأمة منذ الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم إلى مدة ستة قرون تقريبا,وذلك في ثلاثة وعشرين مجلدا,مطبوع طباعة فاخرة ,وقد امتاز المؤلف -رحمه الله- بالدقة في النقل والعدل في ميزان الرجال يذكر مالهم وما عليهم مع الاعتذار إذا وجد مساحة للاعتذار عنهم . وما أجمل عبارته عمّن كان عليه مثالب من أفذاذ الأمة ممّن خدم الإسلام والمسلمين عندما قال:(وهذه تغرق في بحر حسناته)فكانت منهجا مع المخطئين خطأًً يسعه الشرع, لقول الله تعالى: (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) فما أحوجنا للمنهج المعتدل الذي فقده من يصنِّف الناس بلونين لاغير إما ابيض خالص أو اسود خالص وهجر جميع درجات اللون الرمادي الكثيرة !!.. ولربما اشتاق كثير من الناس خصوصا وانه قد اختصر ,وبعضهم من جمع دُرره في مجلدات لاتتجاوز اصابع اليد,وأردت في هذه العجالة نقل بعض الأقوال لمن اصبحوا عِظاما وعُظماء وربما وضعوا رحالهم في الجنة منذ ألف سنة) . ومن هذه الأقوال التي ربما لانرتقي لمستواها ،لكننا على الأقل سنتعرف على من أنطقه الله الحكمة ,والتشبه بهم كما قال الشاعر: ما أحوجنا للمنهج المعتدل الذي فقده من يصنِّف الناس بلونين لاغير إما ابيض خالص أو اسود خالص وهجر جميع درجات اللون الرمادي الكثيرة!!..وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح وهذه أقوال في العقائد والعبادات والأخلاق والتربية ...الخ - يقول الذهبي فيما يرويه عن الضحاك بن مزاحم -رحمهما الله- إنه إذا أمسى بكى ,فيقال له: (أي عن السبب) فيقول :لا أدري ما صعد اليوم من عملي !! وفي ذلك إشارة إلى العناية بمحاسبة النفس ولو بشكل أسبوعي او شهري أوحتى سنوي مع الخوف من الله دون الركون للعمل والعجب به . يروي الإمام الذهبي أنه قيل لمحمد بن واسع -رحمهما الله- :كيف أصبحت ؟ قال: قريباً أجلي، (أي مستعد للموت بالعمل الصالح), بعيدا أملي (أي أنوي عمل الصالحات وأهمُّ بها حتى لو أنها تستغرق مدة طويلة ),سيِّئا عملي (أي انه لا يأمن مكر الله والاعتماد على عمله والاغترار به ). وعن الفضيل -رحمه الله -انه قال :من خاف الله لم يضره أحد (ولا يكون ذلك إلا بالبعد عن المعاصي وأكل حقوق الناس وأذاهم)ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد ..! نسأل الله تعالى ان يجعلنا ممن قال فيهم: (ولمن خاف مقام ربه جنتان)، ورجا ما عند الله فكان سبباً لتقواه. والله الموفق. ** للتواصل مع الكاتب: [email protected]