رسالة الإعلام على كافة وسائله سواء التقليدية أو الجديدة هي رسالة تتضمّن تلمّس حاجات المواطن داخل الوطن وإيصال صوته إلى جهات أو أشخاص لا يستطيع الوصول إليهم بسهولة.. كما تحتوي تلك الرسالة على كشف وقائع وتقصّي مشكلات وتتبع قضايا وفتح ملفات متعدّدة على كافة الأصعدة لكي يتم تشخيص المشكلات وإيجاد الحلول ذات العلاقة. الرسالة السامية لم تعُد كما طلبناها ونتمناها بل تحوّلت إلى عبء ومضامين غريبة - وحديثي هنا يختص فقط بالصحافة الالكترونية - وتبدّلت تلك الرسالة وأخواتها إلى محتويات مفرغة من المهنية الإعلامية بمبررات التطور والتجديد ومسايرة منتجات الإعلام الجديد.. فاختلت الوسيلة، وارتبك المحتوى، وتاه الجهد الإعلامي في ملاحقة التقنية. لقد دخلت فئات جديدة واشكال حديثة في عباءة الاعلام الجديد خصوصا الصحافة الالكترونية التي اهتمت بكل ما ذكر، فكانت بين الإثارة (المسلوقة) وتواضع الفكر الاعلامي، وبساطة العاملين، وضحالة الفهم لدى الكثير من المنتمين لتلك الصحافة.. فهل كان هذا ما انتظرناه؟ فحين توافرت أدوات جديدة للتحرير بإضافة الفلاشات والصوت والفيديوهات لم يستفد منها في كثير من صحفنا الالكترونية في تعزيز الرسالة الإعلامية النقية بل وظفت بطريقة مزعجة.. فأصبح وأمسى (سلق) الأخبار بلا قيمة خبرية وصناعة القصص الإخبارية امر ميسّر فلا حاجة للتعب ولا للنصب ولا للاستقصاء ولا للانتظار، فما يكاد يرى أحدهم تجمعاً هنا أو هناك في شارع أو(سكة) إلا ويلتقط صورة ويصنع خبراً، ولا يكاد يشاهد مقطعاً على الانترنت الا ويصنع منه قصة إخبارية، ولا يكاد يسمع بأمر أو شائعة إلا ويرمي بالعناوين على الصفحة الالكترونية، ولا يكاد يحدث حدث ما في جهة أو دائرة او مؤسسة إلا ويجعله عنواناً مثيراً ومستفزاً للعواطف، فأبت إلا أن تكون صحافة (الفجائع) و(الاصفرار).. فتاهت خُطى الفكر وتشتت الشعور داخلنا بتلك الإثارات بحجة التفرد الإعلامي بل وتعدّى الأمر إلى تشويه صور المجتمع وإبراز ما لا يبرز، وتضخيم الحدث بسبب نقله والتعامل معه بطريقة غير مهنية.. لقد دخلت فئات جديدة واشكال حديثة في عباءة الاعلام الجديد خصوصاً الصحافة الالكترونية التي اهتمت بكل ما ذكر فكانت بين الاثارة (المسلوقة) وتواضع الفكر الاعلامي، وبساطة العاملين، وضحالة الفهم لدى الكثير من المنتمين لتلك الصحافة.. فهل كان هذا ما انتظرناه؟ ختام القول: الإعلام أصبح مزعجاً.. كلمات يردّدها الكثير في مناخ تشاؤمي فما بين معظم المواقع الإخبارية والصحف الالكترونية والشبكات الاجتماعية ومحركات البحث ومواقع عرض المقاطع صار الأمر مشتتاً فضاعت الأماني واحبطت التوقعات وانغمس الكثير في متاهات ومخرجات هذا النوع فشكّل ذلك اتجاهات وتوجّهات متنوّعة ما بين المرغوب والمرفوض وما بين النظام والفوضى، وما بين المقبل والمدبر، وما بين المصدّق والمكذّب.. حينها تشابه الإعلام علينا ولم نجد إلا مواد لا تسرّ المتابعين. وسننتظر لعل الله «عز وجل» يُحدث بعد ذلك أمراً رشداً. [email protected]