كثير من ملفات التعليم الأهلي بحاجة الى إعادة نظر، فهذا النوع من التعليم يفترض أن يتكامل مع التعليم الحكومي ويوفر بيئة تعليمية قادرة على انتاج مخرجات مؤهلة تنافس الحكومية، ولكن يبدو أن واقع الحال يشير الى أن المسؤولين عن المدارس الخاصة يعتنون بالمظهر أكثر من الجوهر ثم لا يفلحون، فتلك المدارس ليست بأفضل حال، ومخرجاتها ليست الأفضل، وذلك مرده الى أن التعامل يتم وفقا لحسابات مادية بحتة قد يغيب فيها العامل التربوي الى حد كبير. مدارس التعليم الأهلي تفرض رسوما متعددة يصفها كثيرون ممن تورطوا بإلحاق أبنائهم بها بأنهم يخضعون لجشع ومغالاة عميقة، ومؤخرا زادت تلك المدارس رسومها بنسبة 30% فيما لم يقابل ذلك تطور في العملية التعليمية لديها، وقضية التعامل المادي في التعليم وتغليبها على كل ما هو تربوي قد يقدح في الرسالة التعليمية ويؤسس لواقع سلبي في عملية التعلم ويخضعها بالتأكيد لتجارة تتناقض مع روح التعليم. فتح الملفات لا يعني بالضرورة التركيز على الجشع أو المغالاة في الرسوم، ولكن لنبدأ مما حدث من حريق في مدارس براعم الوطن الأهلية في جدة، ودون استباق لنتائج التحقيقات في أسباب الحريق رغم تجهيز المدرسة جيدا، إلا أنه وفقا للمعلومات الأولية أن إبلاغ الدفاع المدني لم يتم إلا بعد ربع ساعة من وقوع الحريق وهذه الربع ساعة تكفي لالتهام المدرسة بمن فيها، ثم إن أبواب الطوارئ الثلاثة بالمدرسة كانت مقفلة، وبالتالي انتفت قيمتها، فهل من البيئة التعليمية الجيدة أن تغلق هذه الأبواب، وما فائدتها إذا كانت تغلق؟ في تقديري لا بد من أحد يتحمل المسؤولية النهائية في مثل هذه الحوادث، وعدم وجود المسؤول هو الذي يؤسس لتكرار مثل هذه الحوادث ويضعف الحس الأمني بالخطر، فنحن نعلم مسبقا أن ذلك قضاء وقدر، ولكن لنبحث في الأسباب حتى لا تتكرر الحوادث أو نحد من خطورتها ونتائجها السلبية، هناك مع الأسف مدارس لا يوجد بها حتى مخارج للطوارئ مما ينذر بوقوع كارثة أخرى لا سمح الله، وهذا الإهمال تحديدا سب كثير من المشكلات والأضرار والعواقب الكارثية. وفقا للمعلومات الأولية أن إبلاغ الدفاع المدني لم يتم إلا بعد ربع ساعة من وقوع الحريق وهذه الربع ساعة تكفي لالتهام المدرسة بمن فيها، ثم إن أبواب الطوارئ الثلاثة بالمدرسة كانت مقفلة، وبالتالي انتفت قيمتها، فهل من البيئة التعليمية الجيدة أن تغلق هذه الأبواب، وما فائدتها إذا كانت تغلق؟ في تقديري لا بد من أحد يتحمل المسؤولية النهائية في مثل هذه الحوادث، وعدم وجود المسؤول هو الذي يؤسس لتكرار مثل هذه الحوادث ويضعف الحس الأمني بالخطر ينبغي أن تؤسس المدارس برؤية أوسع تستوعب احتمالات الخطر والإصابة بحيث تربط بخطوط ساخنة مع الدفاع المدني والإسعاف، ومدارس البنات بحاجة الى ذلك أكثر من غيرها باعتبارها ذات خصوصية لا تمكن من التعامل الفوري والمباشر مع الحوادث إلا بعد المرور بعدد من مراحل التهيئة التي يجب اختصارها بقدر الإمكان في الحالات الطارئة، حتى لا يقع ما لا تحمد عقباه. وبالعودة لواقع التعليم الأهلي، يجب التفكير بصورة أكثر تناسقا مع الحكومي، فهذا التعليم يستنزف المستفيدين منه، وفي النهاية فإن مخرجاته لا تفوق نظيره الحكومي، فعلام المغالاة في الرسوم؟ خاصة وأن المناهج واحدة، وإذا كنا سنحصد مثل هذه الكوارث فذلك أدعى لإعادة النظر، لأن التجارة بالتعليم من الخطورة بما يهدر الرسالة التعليمية ويضعف القدرات التربوية للمعلمين والطلاب. صحيح أنه مع التطور العلمي والتنموي أصبح التعليم صناعة الى حد ما، ولكن ذلك يتعلق بالبيئة التعليمية بكل شمولها وتكاملها، وليس مجرد جباية للدراسة في مدارس تستنزف الجيوب وحصادها دون المأمول، وعندما تركز هذه المدارس على العائد المادي دون الحصول على التفوق وتطوير قدرات الطلاب التحصيلية فإنها تصبح قنبلة موقوتة تخرج أجيالا فارغة وضعيفة التفكير كان الأولى بقاؤها في المدارس الحكومية التي تشكل الحاضنة الأساسية والمنطلق الرئيسي للعملية التعليمية برمتها. لا بد من إعادة النظر في التعليم الأهلي وإلزامه بالمسارات التعليمية الحقيقية والعلمية، فالجوهر هو الأهم ومدارس التعليم الأهلي في السياق الموضوعي غير جديرة بأن تمنح طلابها الأمان والتفوق المطلوب، فهي في خاتمة المطاف تكميل لنظيرتها الحكومية بل ينبغي أن تتفوق عليها ولكن الشاهد أنها أقصر من أن تلحق بالحكومية، وهنا علامة استفهام أخرى.