الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد : كم كان مؤلما مشهد الطفلة في الهواء ترجو النجاة من الحريق ؟؟! وكم أجهشني منظر الأب يحتضن بنيته فرحا بنجاتها من الحريق ؟! وكم كان مؤسفا لبنيات براعم الوطن وهن على السرير الأبيض يتلقين العلاج ؟!! وكم كان مبكيا ذا الأب الذي تلطخ ثوبه بدم طاهر بريء وجثا على ركبتيه وأطرق رأسه ينظر إلى ابنته التي وضعها على ركبتيه بعد أن قضت نحبها ؟!!! وكم وكم وكم من المشاهد المحزنة في مدارس براعم الوطن ... لا نقول ذلك اعتراضاً على قدر الله ، كلا وحاشا فقدر الله نافذ لا محالة ولكننا نتألم حين يكون الجشع سببا لحدوث مثل هذه المصائب !! وحين يكون القلب مشغولاً بجمع الأموال ، وجمعها فحسب وعدم التنازل عن أي شيء لأجل إصلاح خلل أو إضافة ما يكون ضرورة للحفاظ على حياة أبنائنا وبناتنا .. لقد كانت مشاهد الحريق في مدارس براعم الوطن بجدة مشاهد يندى لها الجبين ، ويتألم لها القلب الرزين ، ولكم أن تتخيلوا براءة الطفولة على محياهن وهن يأتين كل صباح فرحات ببزوغ فجر جديد يزيدهن رفعة وعلما ، ولم يكن يدور بخلدهن الإهمال الذي تسببه المهملون وأدى بهن إلى الكارثة ، ولا لوم عليهن فبراءة الطفولة لا تعرف إساءة ظن أو محاسبة مقصر ... أما أولياء الأمور فقد اجتهدوا وبذلوا من أموالهم للبحث عن المكان الأنسب والأصلح لفلذات أكبادهم فلا لوم عليهم وما لهم إلا الحوقلة والاسترجاع والاحتساب على الله أن يجازي المتسبب في مصابهم . إن حال بعض المدارس الأهلية لدينا لحال يندى لها الجبين ، وشعار ولي الأمر كل صباح أن يردد : اللهم سلم سلم ، فالمبنى سيء التهوية رغم الزحام ، ومخارج الطواريء إن وجدت فهي مجهولة لا يعرفها من يكون في كامل وعيه فكيف بمن يهرب من حريق ، ولقد سبق لي زيارة إحدى المدارس الأهلية الثانوية بالمحافظة لمقابلة المرشد الطلابي فوجدته في جناح (شقة)وبجواره خمسة فصول بمعدل 20 طالبا في كل فصل ، ويمر كل أولئك الطلاب مع مرشدهم الطلابي عبر باب واحد فقط لهذا القسم ، وتساءلت حينها مع أني أحب التفاؤل ماذا لم نشب حريق لا قدر الله في هذا الباب ، كيف سيكون مصير أكثر من 100 طالب؟ وأين سيذهبون والنوافذ مقفلة بسياج حديدي ؟؟ اللهم لطفك وسترك يا رب. وفي كل صباح وأنا أقوم بإيصال ابنتي إلى إحدى المدارس الأهلية يلهج لساني بالدعاء أن يحفظها وزميلاتها ومعلماتها من مفاجآت الزمان لما أرى من زحام السيارات صباحا ومساء وهم يتوجهون إلى مبنى متهالك ذي مظلة حديدية مغلقة من كل جوانبها حيث الحر الشديد صيفا والبرد القارس شتاء ، وبالدوران حول المبنى لم أجد أي سلم خارجي لأي أمر طارئ لا قدر الله ، فيرجع بي التفكير فأقول : ( مكره أخاك لا بطل )اللهم سلم سلم . وعندما يطالب المصلحون بتهيئة مرافق السلامة فإننا لا نطالب المستحل ، بل أجزم أن 1% من رسوم الدراسة كفيل بإصلاح كل خلل يحتاجه المبنى . أما المدارس الحكومية فإن الحكومة وفقها الله لم تدخر وسعا في تقديم أرقى المواصفات لتنفيذها ، ويبقى العتب إن وجد الخلل على القائمين على أمر هذه المدارس أو الإدارة التعليمية المشرفة عليها . وفي مقالي هذا لا أتهم مالك المدرسة الأهلية بما حصل ولكن كما ذكرت نائبة الوزير الأستاذة الفايز أنها تنتظر تقرير الدفاع المدني عن الحادثة لتعرف المتسبب ، ونقول : نحن ننتظره أيضا لنعرف المتسبب ونعرف عقوبته علنا ، فأبناؤنا فلذات أكبادنا ولا نرضى الإهمال من أي كائن من كان . ندائي الأخير إلى كل مسؤول بدء بوزير التربية والتعليم ثم وكلاء الوزارة ومديري التعليم ومشرفي التعليم الأهلي بأخذ هذه الأمور على محمل الجد وتكليف لجان خاصة بدراسة أحوال المدارس بزيارات مفاجئة لجميع المدارس خصوصا الأهلية منها ولو أدى الحال إلى إغلاق المدارس المخالفة حفاظا على أروح فلذات أكبادنا وردعا للمستهترين بأروح البشر ... حمانا الله وإياكم وذوينا من كل سوء ومكروه. ورحم الله شهيدات الحريق ، وشفى مصاباته إنه سميع مجيب. فهد عبدالعزيز الداعج مدير بيت الطالب بمحافظة الخرج