منذ فجر تاريخ المملكة العربية السعودية وهي تولي رعاية قصوى لقطاع التعليم فالعلم هو منارة أي حضارة ونهضة تخطو بها الأمم وهو السبيل الأمثل لصقل عقول الشعوب وانتشالها من غياهب الجهل والتخلف , وما المدارس المنشأة داخل المملكة والتي شملت المدن والقرى وحتى الهجر إلا دليل بسيط على اهتمام المملكة بتعليم أبنائها. وبما أن الإسلام تكفل بحفظ المال ولأن المملكة تشجع على استثمار الأموال بشتى الطرق التي لا تخالف الشريعة فقد فتحت الحكومة الباب أمام إنشاء المدارس الأهلية في مختلف المراحل الدراسية للبنين والبنات , وفكرة التعليم الأهلي باختصار تتمثل حول دفع الطالب لرسوم دراسية من اجل التحاقه بالمدرسة في مقابل قيام المدرسة بتقديم بعض الخدمات التي ربما لا تتوافر في بعض المدارس الأخرى بالإضافة إلى توفير بيئة أقل ضجيجا وأكثر راحة للطالب من اجل زيادة فرص استيعابه للدروس التي يتلقاها في المناهج الدراسية ورغم وضوح فكرة المدارس الأهلية وأهدافها النبيلة على الورق إلا أن جشع بعض أصحاب المدارس وطغيان الفكر المادي لديهم حول المدارس الأهلية إلى ما يشبه الاتجار بعقول الناس وأرواحهم , فبغض النظر عن النجاح المنتظر والمؤكد لأي طالب يلتحق بالمدارس الأهلية تكمن مشكلة الأمن والسلامة وعدم الاستفادة من المال المدفوع من الطلاب من اجل حمايتهم , وما الحريق الحاصل في المدرسة الأهلية الشهيرة بجدة إلا مثال بسيط على ذلك فالمدرسة غفلت تماما عن الواجب الإنساني الواقع عليها والمتمثل في توفير ابسط سبل الوقاية من الحريق في المبنى أو بناء مخرج للطوارئ يستطيع الطلاب والمعلمون الهروب منه وقت حصول الأزمات , ورغم ذلك لم تحرك ساكنا ولم تفكر سوى في جمع اكبر قدر ممكن من الأموال حتى وإن كان على حساب أرواح من في المدرسة. ولكن كل ما ارجوه من أصحاب المدارس الأهلية أن يحترموا ثقة الدولة وأولياء الأمور فيهم وأن يضعوا نصب أعينهم أن الكسب المادي هو حق للمدارس الأهلية تقابله العديد من الالتزامات المعنية والأخلاقية والإنسانية فالتعليم الأهلي هو استثمار طويل الأمد في الأجيال الصاعدة وليس استثمار قصير الأمد في أرواحهم وابدانهم علما بأن أغلب المدارس الأهلية تدار بأيدي واستثمارات غير سعودية. والله من وراء القصد.