لا أدري لماذا لا أفرح كثيراً، لأي قرارات رسمية، كالتي تستهدف السعودة، أو إصلاح أي أمر معوج طال عليه الزمن ? ربما لأن هذه القرارات، تحمل في طياتها، جوانب سلبية وأضراراً، تعادل ما تحمله من جوانب إيجابية وفوائد، فتصبح الكفة متساوية، ولن نذهب بعيداً، وعلينا أن نتذكر قرار رفع الحد الأدنى لرواتب المعلمين في مدارس القطاع الخاص، إلى 3 آلاف ريال، فهذا القرار إيجابي في شكله الخارجي، ويخدم المعلم السعودي ويرفع مستوى معيشته، ولكنه (القرار) أسفر عن طرد معلمين سعوديين، رفضت إدارات المدارس أن ترفع رواتبهم إلى 3 آلاف ريال دفعة واحدة، وفضلت عليهم معلمين أجانب، يقبلون بنصف هذا الراتب، وربما أقل منه، الأمر نفسه تكرر قبل أيام، عندما أعلنت الجمارك السعودية أنها، لن تسمح باستيراد قطع غيار السيارات المقلدة، أو السيارات القديمة، التي يتم تفكيكها، واستخدامها كقطع غيار، اعتبارا من أول العام الهجري المقبل، وهنا أسجل تأييدي التام لهذا القرار، الذي يدعم ويعزز عوامل السلامة لقائدي المركبات في المملكة، خاصة إذا عرفنا أن أكثر نحو 3 آلاف حادث مروري كل عام، سببها استخدام قطع غيار سيارات مقلدة ورديئة. ولكن ماذا نفعل إذا علمنا أن سوق قطاع الغيار المقلدة في المملكة، تحوي استثمارات ب 8 مليارات ريال، ويعمل فيها آلاف التجار والعاملين من السعوديين، الذين سيفقدون وظائفهم بمجرد تطبيق قرار الجمارك السعودية؟. وماذا نقول في ملايين من محدودي الدخل من المواطنين والمقيمين، الذين يبحثون عن قطع السيارات المقلدة لرخصها، بدلاً من القطع الأصلية التي يقصم سعرها الظهر؟. علينا أن نعترف أن قرار الجمارك، تأخر كثيراً عن موعده، وعليه، ترسخت تجارة قطع غيار السيارات المقلدة في السوق السعودي، وأصبحت عالماً مستقلا بذاته، له مريدوه وزبائنه وتجاره، ومن غير المنطقي أن نعالج خطأ السنين، بقرارات صارمة، تطبق بين ليلة وضحاها، دون النظر إلى تأثيراتها وتبعاتها، وأضرارها، فنحن مع مثل هذه القرارات، شريطة أن تكون بلا أضرار أو سلبيات، وشريطة ألا تلحق الأذى بأي أحد، وهذا يتطلب المزيد من الدراسة والبحث فيما نتخذه من قرارات، خاصة إذا تأخرت عن موعدها كثيراً. [email protected]