بالرغم من صِغر مساحتها وعدد سكانها إلا ان المبادرات والتحرُّكات النشطة والنوعية للحكومة القطرية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو رياضية تكاد تتسيّد المشهد العربي بفاعلية كبيرة على مدى الأشهر الماضية بعد ان تسيّدته إعلامياً من خلال ذراع قناة "الجزيزة" الفضائية التي احتفلت مؤخراً بمرور خمس عشرة سنة على تأسيسها الذي يعد باتفاق الكثير من الإعلاميين والمحللين السياسيين العرب والاجانب بأنه يمثل حقبة إعلامية استثنائية جديدة في تاريخ الإعلام العربي برمته!. آخر تلك التحرّكات أو المبادرات الأممية الذكية ذات المردود الإعلامي الدولي الكبير لدولة قطر والداعم لدولة فلسطين في وجه امريكا هو إعلان مبادرة الشيخة موزة بنت ناصر المسند قرينة أمير دولة قطر، المبعوثة الخاصة لليونيسكو للتعليم الأساسي والتعليم العالي، المتمثل في زيادة دعمها لبرنامج اليونيسكو الأساسي في التعليم لمواجهة الصعوبات المالية التي تواجهها المنظمة من جراء قرار وزارة الخارجية الأمريكية وقف تمويل اليونيسكو احتجاجاً على قيامها بقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين، حيث يمثل هذا الدعم ما مقداره 22% من ميزانية المنظمة او ما يعادل تقريباً 80 مليون دولار أمريكي. من وجهة نظر شخصية، الشيخة موزة بتبنّيها مثل تلك المبادرات التعليمية النوعية سواء داخل دولتها او على المستوى الدولي – الأممي، ستسهم بطرق شتى في إعادة صياغة مفهوم دور المرأة العربية في مجال التنمية وبخاصة المرأة القريبة من السلطة أو دوائر القرار السياسي والاقتصادي أياً كانت صلتها العائلية بالانظمة الحاكمة سواء كانت زوجة أو بنتاً أو قريبة رئيس دولة أو ملك أو وزير أو أمير أو رجل أعمال متنفذ. كما ستعمل مثل تلك المبادارت وبخاصة المحلية منها على تصحيح الصورة النمطية المأخوذة عن المرأة العربية في أدبيات الإعلام الغربي وغيره من وسائل الإعلام المختلفة العضو في منظمة اليونيسكو. فعلى سبيل المثال أصدرت منظمة اليونيسكو بياناً صحفياً عبّرت فيه عن تقديرها لجهود دولة قطر والشيخة موزة بالذات، حيث أعربت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة اليونيسكو عن تقديرها لالتزام قرينة أمير قطر العميق لتوفير التعليم للجميع باعتباره الأساس لبناء مجتمعات أكثر سلاماً واستدامة. وأشارت بوكوفا إلى أن اليونيسكو ستبذل كل الجهود المطلوبة حتى تضمن أن هذا الدعم سيترجم ميدانياً بإتاحة فرص التعليم لأكثر الفئات تهميشاً، وتحسين نوعية النظم التعليمية في البلدان الأقل نمواً، وإقامة شراكات جديدة. بعد تناقل وسائل الإعلام المحلية والعالمية تفاصيل هذا البيان وربطه فكرياً وإعلامياً ونقاشياً بجهود دولة قطر وشخصية الشيخة موزة التنموية، استبعد كثيراً أن تكون محاور النقاش التالية لهذا البيان، وبخاصة في أروقة اليونيسكو، ستكون منصبّة حول المواضيع النمطية المستهلكة في ماكينة الإعلام العربي والغربي حول المرأة العربية التي ما زلت بدلاً من مناقشة الأسباب الرئيسة لمشاكل ومعوّقات نمو المرأة العربية نجدها تهدر الوقت الكبير في مناقشة الأعراض الجانبية المسببة لتلك المعوّقات. وحتى لا نحلق في سماء المثاليات كثيراً، أقر بأن نجاح المبادرات مرهون بشكل كبير بتوافر عنصرين هما السلطة والوفرة المادية وهو ما ينطبق على مبادرة الشيخة موزة، ولكن هناك أموراً وتفاصيل كثيرة تتعاضد مع بعضها البعض حتى يكتب لمثل تلك المبادارت النجاح. فعلى سبيل المثال لولا الرغبة في التفرُّد والعطاء لكان المثبط الأعظم لهذه المبادرة سيكون على هذه الشاكلة: ومن تكون قطر حتى تسدّ فراغ أمريكا في اليونيسكو أو تدوس على طرف إسرائيل؟ وفي النهاية، هنا دعوة إلى عدد من النساء السعوديات القريبات من دوائر السلطة لتبني مبادرة زيادة الوعي بإشراك المرأة السعودية في انتخابات المجالس البلدية ومجلس الشورى خلافاً لما هو مطروح حالياً من تسطيح في التناول لا يتعدى آلية المشاركة: هل هو من خلف حجاب او مباشرة؟ يا له من عمق فكري سطحي ! لا يشكر عليه برنامج «واجه الصحافة»! [email protected]