فيما انشغلت الاوساط السياسية والشعبية اللبنانية بمتابعة وقائع الجلسة العلنية لغرفة البداية في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والمتصلة بالمحاكمة الغيابية والتي تجلت بتأكيد ممثل الادعاء العام شكوكه في تورط «حزب الله» بإخفاء المتهمين وعجز مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا عن القيام بواجباته لهذا السبب، طل الأمين العام ل»حزب الله» حسن نصرالله ليعتبر ان «كل ما يشاع عن عدوان على لبنان يدخل في دائرة التهويل»، مجددا الاشارة الى ان «حزب الله» يتصرف مع المحكمة على انها غير موجودة». هكذا، دخلت المحكمة الخاصة بلبنان مرحلة متقدمة من الناحية الإجرائية بعقدها جلسة خصصت للنظر في إطلاق المحاكمات الغيابية بحق المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وانتهت الجلسة التي عقدتها الغرفة الأولى في محكمة لبنان، من دون اعطاء موعد لصدور القرار في ما إذا كانت ستقرر البدء بالمحاكمة الغيابية أم ارجاء ذلك حتى اشعار آخر. واكد ممثل الادعاء في الجلسة التي تلت الجلسة السرية شكوكه في تورط حزب الله باخفاء المتهمين وعجز القاضي سعيد ميرزا عن القيام بواجباته لهذا السبب ولذلك لا بد من دعوته للاستفسار حول هذه المسألة. وكشف ممثل الادعاء العام انه تقدم بعشرة طلبات تعاون مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا من دون الكشف عن ماهية هذه الطلبات، وتم الكشف أيضا عن عبارة استخدمها القاضي ميرزا في تقريره الأخير الى المحكمة وقال ان الوضع السياسي في لبنان حساس ودقيق، متسائلاً هل المقصود بهذه العبارة ما قالته قيادة منظمة معينة عن قطع اليد التي ستمتد الى المتهمين وعن حماية هذه المنظمة للمتهمين؟ الى ذلك، أفادت معلومات صحافية أن رئيس المحكمة الخاصة بلبنان رفع الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كتابا يطلب فيه اتخاذ ما يلزم من إجراءات من أجل تمديد عمل المحكمة لولاية ثانية. وفي الكتاب، بحسب المعلومات، فإن المحكمة لم تنته بعد من المهمة التي انتدبت إليها، وهي تحتاج مزيدا من الوقت، لإجراء المحاكمات ولإنجاز التحقيقات التي هي تحت ولايتها. وكان رئيس مكتب الدفاع فرانسوا رو، طلب في مرافعته، في الجلسة التي عقدتها الغرفة الأولى في المحكمة الخاصة في لبنان، اتخاذ كل التدابير اللازمة لرفع مذكرات التوقيف الصادرة بحق المتهمين الأربعة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقال إن مذكرات التوقيف الغيابية الصادرة دفعت المتهمين الأربعة الى الاختباء، لأنها لم تترك لهم سوى خيار السجن، في حين أن نظام القواعد والإثبات تتيح خيارات أخرى، ومنها الحضور التلقائي ومنها المشاركة بإجراءات المحاكمة عبر نظام الفيديو. وللمرة الأولى تغيب الصحافة الموالية ل»حزب الله» عن المحكمة، بطريقة جماعية، ما يشي بوجود قرار بالمقاطعة، على اعتبار ان التركيز على «تورط» «حزب الله» باخفاء المتهمين الأربعة سيكون ركيزة المداخلات الأساسية في المحكمة.وأشار الى أن المطلوب محاكمة المتهمين وليس توقيفهم ولذلك المطلوب تبليغهم بلا تهديد بالتوقيف وحينها يمكن للمتهمين الأربعة اتخاذ الخيار الذي يناسبهم، وفي حال عدم استفادتهم من ذلك حينها تقرر المحكمة أن هؤلاء استنفدوا حظوظهم. وهنا سأل القاضي دافيد راي المحامي رو: «هل أنت على علم بأي قضية اغتيال سياسي وإرهاب، بحجم هذه الجريمة، لم تصدر فيها مذكرة توقيف بحق المتهم؟». فأجاب رو:» لستُ أدري، إن كنتُ أتمتع بالقدرات الكافية لأرد عن هذا السؤال». ولاحظت «اليوم» غياب وسائل الإعلام التي تدور في فلك «حزب الله» كليا عن الجلسة رغم أن هذه الجلسة بمندرجاتها كانت محور هجوم من هذه الوسائل. وللمرة الأولى تغيب الصحافة الموالية ل»حزب الله» عن المحكمة، بطريقة جماعية، ما يشي بوجود قرار بالمقاطعة، على اعتبار ان التركيز على «تورط» «حزب الله» باخفاء المتهمين الأربعة سيكون ركيزة المداخلات الأساسية في المحكمة. في سياق متصل، نفت مصادر في «حزب الله» علمها بالمعلومات التي تحدّثت عن أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تسلّمت مذكرة من مدعي عام محكمة يوغوسلافيا تؤكد تورّط اسرائيل في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مذكّرة أن «حزب الله» كان قد قدّم منذ فترة طويلة معطيات وقرائن تؤكد اتهام اسرائيل في هذا الاغتيال، ولكن للأسف كان هناك إصرار على تجاهلها وعدم الأخذ بها، وهذا ما يؤكد ان المحكمة مسيّسة، ومن وراء إنشائها غايات سياسية محدّدة في مقدّمها النيل من المقاومة. وقالت: «بناء على هذه المعطيات من محكمة يوغوسلافيا، فان المحكمة الدولية أمام امتحان جديد في صدقيتها لجهة الأخذ بها». واوضحت المصادر ان «حزب الله» يتعاطى مع ملف المحكمة على أساس انه حساس، وحساسيته مرتبطة بأنه سيهدّد الاستقرار والوفاق الداخليين. وقالت: «من هذه الزاوية لسنا قلقين على أنفسنا لكن من بعض التداعيات على العلاقات الداخلية. وأشارت الى أن «هناك فريقاً ليس لديه سوى الاستقواء بالمحكمة، وما سيصدر عنها، وكأنها تحوّلت الى أداة في يد هذا الفريق الداخلي». وبموازاة ذلك، بدا ل»اليوم» ان «حماوة» النقاش السياسي والجدل الدائر والمستمر يوميا حول مسألة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان خارج قاعة «المؤتمر الحقوقي حول المحكمة الدولية» في فندق البستان في بيت مري لم ينسحب الى داخلها .