علينا أن نخطط للحرية وليس للأمن فقط، وذلك على الأقل لأن الحرية هي الشيء الوحيد الذي يجعل الأمن آمنا ( كارل بوبر ). كان أحد الملهمين لحركة «احتلوا وول ستريت» هو الربيع العربي الذي أحيا فينا روح الكرامة والعزة, لكن الأمر تجاوز الاحتجاج العادي في وول ستريت وبدأت تمتد إلى كل مكان والهدف هو التغيير والإصلاح من أجل إنهاء هيمنة النظام الرأسمالي والشركات الكبرى على الاقتصاد, وحتى الوقت الحالي مازال تأثير هذه الحركة محدودا نظرا لعدم امتلاكهم رؤية قوية لهذا الاحتجاج, إلا أن النار من مستصغر الشرر فكما حصل مع الثورات العربية وبداياتها التي تشبه الأساطير قد يمتد إلى هذه الحركة ردود أفعال غير متوقعة,بين وول ستريت والربيع العربي تساؤل عما إذا لم يكن الذي حصل أسطوريا يصور اتجاهين يجعل كلا منهما ظاهرة خالصة ذات ماهية جوهرية تتمتع كل منهما بصفات رحمانية إنسانية خالية من هيمنة القمع والمتاجرة بحياة البشر . وقد بدأت المظاهرات عندما نادت جماعة مناهضة للاستهلاكية الكندية وموالية للبيئة، على أثر الربيع العربي، حيث إنه في 15 أكتوبر دُعيَ إلى عولمة المظاهرات لتصبح حدثاً عالمياً يستهدف جميع مدن وبلدان الأرض، إذ خرجت المظاهرات في أكثر من 1,500 مدينة حول العالم مائة منها في الولاياتالمتحدة وحدها. وجهة النظر تكمن في أن البنوك والمؤسسات المالية استحوذت على 99 بالمائة من الثروة، فيما لم يحصلوا على 1 بالمائة، لذلك هم يتوقون إلى إسقاط النظام الرأسمالي الجشع الذي لا يتوانى عن تهميش الإنسان, ناهيك عن ضحاياه ممن سُرحوا من وظائفهم دون وجه حق, فالغضب هو ما يحركهم ولا أحد يعلم مصير هذه الاحتجاجات المناهضة للرأسمالية, أو ممكن أن نطلق عليها انتفاضة الشعب الأمريكي ضد الفقر , البطالة والجوع. ومن طرائف الهتافات أن عددا من المحتجين قاموا بالتظاهر أمام وزارة الخزانة والبيت الأبيض، مطالبين بفرض رسوم على المصارف الكبرى، ورددوا هتافات، من بينها «روبن هود كان محقاً وعلينا فرض ضرائب على الأغنياء»، وبين وول ستريت والربيع العربي تساؤل عما إذا لم يكن الذي حصل أسطوريا يصور اتجاهين يجعل كلا منهما ظاهرة خالصة ذات ماهية جوهرية تتمتع كل منهما بصفات رحمانية إنسانية خالية من هيمنة القمع والمتاجرة بحياة البشر , هذه الثورات ما هي إلا تجاوب مع تطورات العصر الحديث الذي حقق درجة كبيرة من اتساع سوية الوعي بالفرد والحرية الشخصية والحقوق والثقافة الإنسانية، وهي تؤلف منتجا بشريا للاحتفاء بالحرية وتقوية كل ما هو إنساني, فهذه الثورات هي انسلاخ لا غنى عنه بين قيادات أولئك الساعين لإعادة عقارب الحياة إلى الوراء, وبين من التموا حول منظومة قيم وأهداف وأولويات جديدة تحترم قيمة الإنسان وحاجة المجتمعات والأوطان.