تأبى مدينة جدة وللسنة الثانية على التوالي إلا أن ترسل لنا رسالة جديدة رغم كل ما عانته وعاناه أهلها في هذا المصاب الجلل والذي تسبب في دمار كبير لها وآلام كثيرة للعديد من سكانها. كان الله في عون أهلنا في جدة الذين ينبهوننا للمرة الثانية إلى أهمية الاختيار المناسب لمن يتولى مسئولية شئون حياة الناس وحفظ حقوقهم. كتبت في العام الماضي مقالاً بعنوان “رسالة من مدينة جدة” بعد الكارثة الأولى؛ ولأن التاريخ أعاد نفسه ولم نتعلم منه للأسف الشيء الكثير؛ فسأترككم مع بعض أجزاء مقال العام الماضي؛ “رسالة من مدينة جدة إلى كل مدن المملكة: يا مدن مملكتنا الحبيبة؛ أعلم أنكم تابعتم ما حدث لي يوم الأربعاء الماضي؛ لقد كان هناك قتلى ومصابون ومشردون؛ وحدث تدمير كبير للممتلكات الشخصية والعامة؛ ولكنني أطمئنكم بأنني مؤمنة بقضاء الله وقدره وأعلم بأن الكوارث الطبيعية المرتبطة بسقوط الأمطار وقوة السيول وتدميرها لكل ما يقف في طريقها أمر يحدث في كل دول العالم الأول منها والأخير؛ ولكنني عندما تابعت تصريحات بعض المسئولين عن الكارثة التي حلت بي زاد حزني وغمي لأنهم كانوا جميعاً يتحدثون عن تفاصيل جسدي وهم يشرحونه ويحددون نقاط ضعفي ومواقع إصابتي وكأنهم غير مسئولين عن هذا الجسد وما أصابه من علل؛ بل وكانوا يتبرأون من مسئولياتهم ويحولونها في اتجاه المجهول؛كان الله في عون أهلنا في جدة الذين ينبهوننا للمرة الثانية إلى أهمية الاختيار المناسب لمن يتولى مسئولية شئون حياة الناس وحفظ حقوقهم. إنني على ثقة بأن الحس السامي لقائد مسيرتنا الملك عبدالله لا يدع مجالا للشك بأننا أنا وأنتم يا مدن المملكة سنبدأ مرحلة جديدة من مسيرة نمونا وتطورنا؛ حيث لن يسمح لمثل هذا التراخي والتخاذل وضعف تحمل المسئولية أن يشوه مستقبلنا وحياتنا وحياة كل المواطنين والمقيمين في أحيائنا. إن ما حدث لي يا مدن المملكة يجب أن يكون درساً لكم جميعاً لتقفوا وقفة شجاعة في وجه كل من تسول له نفسه أن يستغل مشاريعكم أو يهمل في تنفيذها أو يتخبط في التخطيط لمستقبلكم. يجب أن نحرص على أن نحاسب ونبعد عنا كل من يتحمل مسئولية الأخطاء التي تحدث في أجسادنا ونستغني عن كل من لا يتعلم منها فلسنا بحاجة إلى دروس وأخطاء وكوارث جديدة؛ ودمتم لشقيقتكم جدة “. وللأسف ما أشبه اليوم بالبارحة. [email protected]