أجواء يصعب وصفها عمت فلسطين والفلسطينيين في الداخل والخارج والضفة الغربية والقطاع والقدسالمحتلة وداخل الخط الاخضر 1948 فقد اختلطت الزغاريد بالدموع وبالرقص والبهجة والسعادة، مع رؤية حافلات الأسرى تنطلق للحرية من سجون الاحتلال؛ منهم من سابق الحافلات ومنهم من حمل هاتفه يصور واخر يخبر ذويه وتوالت المكالمات، واشتد الضغط على شركات الاتصال الخلوي.. آلاف احتشدوا في ساحة المقاطعة في رام الله بوجود الرئيس محمود عباس وكذلك ساحة الكتيبة وسط قطاع غزة بوجود رئيس الوزراء الدكتور اسماعيل هنية، اما في القدسالمحتلة فخرجت الجماهير المقدسية تستقبل 16 اسيراً قبالة معتقل (المسكوبية) المبنى الجديد على اراضي العيسوية شمال شرق المدينة المقدسة وهم يلوحون بالاعلام الفلسطينية ويهللون ويكبرون بعد الافراج عن ابناء القدس حيث صدحت مآذن البلدة العتيقة التي بارك الله فيها وحولها وهلل المسجد الاقصى المبارك وكبر ابتهاجا بتحرير الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة التبادل. وقبل مهرجان الياسين في غزة ومهرجان ابطال الحرية في المقاطعة في رام الله تلقى الرئيس محمود عباس، اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء المقال د. إسماعيل هنية. وتبادلا التهاني بالإفراج عن الأسرى من سجون الاحتلال. وكانت إسرائيل بدأت عملية التبادل منذ صباح امس، حيث تم نقل الأسرى إلى مصر حيث عبروا معبر رفح، كما تم نقل 196 أسيرا عبر معبر عوفر، فيما نقل شاليط من غزة إلى مصر ومنها الى قاعدة تل نوف العسكرية جنوبفلسطين ثم وصل إلى منزله شمالاً. وكان في استقباله نتنياهو وبراك وعائلته. وكان الرئيس عباس، وعدد من قيادات حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، على رأسهم د. ناصر الدين الشاعر ود. عزيز دويك ود. حسن يوسف، إضافة إلى ذوي الأسرى، وآلاف المواطنين. من المنغصات التي أعلن عنها الاثنين ما صرح به مصدر سياسي إسرائيلي رفيع أن الحصار البحري على قطاع غزة سيستمر حتى بعد الافراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليطوأعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ووزراء، وأعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح، والمجلس التشريعي. وفي غزة في ساحة الكتيبة الخضراء، أول من توافد إليه، أمهات وأهالي الأسرى الذين لم يفرج عنهم ضمن الصفقة، فواحدة تطلق الزغاريد، وأخرى تبكي لأن ابنها لم يكن مدرجًا ضمن الصفقة، ولكنها عندما تنظر إلى رجال القسام الذين ملأوا المكان تبتسم وتمسح دموعها وتطلق الزغاريد، متيقنة أن هؤلاء في يوم من الأيام سيتمكنون بعون الله من الإفراج عن أبنائهم كما فعلوا مع رفاق أبنائهم الذين يخرجون اليوم. وزف الأسرى، حيث وضع أكثر من 400 كرسي جلسوا بعد ان توشحت المنصة بيافطة كبيرة كتب عليها بالعريض «وفاء الأحرار» وتزينت بصور لجنود القسام وهم يخطفون جنودا إسرائيليين، في دليل على تأكيد القسام أنهم ماضون بالاستمرار في سياستهم في خطف الجنود كطريق لتحرير الأسرى. واعتلى هذه الصورة منفذو عملية «الوهم المتبدد»، والذين استشهدوا خلال العملية، وهما الشهيدان: محمد فروانة، وحامد الرنتيسي. وتزينت ساحة الكتيبة الخضراء بأعلام فلسطين، فيما كان رجال القسام يلفون المكان من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، فيما الآلاف من أبناء «حماس» وفتح والشعبية والفصائل الأخرى يؤمون المهرجان حيث استمع الجميع الى كلمة هنية المعبرة والاسرى التي ابكت الحضور وجددت الأمل بالافراج عن الباقين في معتقلات الاحتلال. وكانت حركة حماس قد أعلنت اتمام المرحلة الاولى من صفقة تبادل الاسرى وذلك بتسليم الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الى الجانب المصري، فيما وصل الاسرى المتواجدون في سجن «كتسيعوت» الى الضفة الغربية والقطاع والقدس0. وقال الرئيس محمود عباس إن هناك اتفاقا مع الحكومة الإسرائيلية السابقة لإطلاق دفعة مماثلة من الأسرى بعد هذه الدفعة، مطالبا إياها بالوفاء بوعودها. وقال مخاطبا الأسرى المحررين وآلاف المواطنين الذين تجمعوا في مقر الرئاسة بالمقاطعة لاستقبالهم، ‹سترون نتائج نضالكم في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، كانت قضيتكم وما زالت في قلوبنا في عقولنا في وجداننا حيثما حللنا في كل مكان في كل محفل عربي أو دولي، لا هم لنا إلا أخواتنا وإخواننا الأسرى وها نحن نرى كوكبة منهم الآن والآتي إن شاء الله قريب وقريب جدا›. إن تضحياتكم وجهدكم وعملكم لم يضع سدى، فأنتم عملتكم وناضلتم وضحيتم وسترون نتائج نضالكم في الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وحيا الرئيس الإخوة في مصر العزيزة، التي بذلت كل الجهود لإطلاق سراح اخوتنا وأخواتنا، وقال: ‹ولابد لنا أن نحيي مصر العزيزة، التي بذلت كل الجهود لإتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية، منوها إلى أن المصالحة بدأت من السجون من وثيقة العمل الوطني، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه وستنجز بإذن الله›. وهنأ القيادي في حركة حماس حسن يوسف، الأسرى المفرج عنهم، وقال: ‹بقدر السرور بإطلاق هذا العدد من الإخوة المعتقلين والمعتقلات إلا أننا موجوعون لأن بقي لنا اخوة في السجون والمعتقلات›. وأضاف إن ‹شعبنا الفلسطيني بكل مكوناته لن يهدأ له بال ولن تنام له عين حتى يتم الإفراج عن كل الأسرى والمعتقلين›. واضاف يوسف ‹ها هم الأسرى المحررون وشعبنا جاؤوا جميعا إلى بيت الشعب يا سيادة الرئيس لنؤكد على وحدة شعبنا، نحن لا خيار لنا سوى الوحدة، ولذلك سيدي الرئيس إننا نؤكد وانتم بالمقدمة معنا على ضرورة إنجاز الوحدة المصالحة للوقوف جميعا يدا واحدة في وجه الاحتلال واستيطانه وتهويده وتنكره لمجمل حقوقنا الفلسطينية، ونتوجه باسمكم جميعا بالشكر الجزيل إلى مصر التي نجحت في اتمام الصفقة وهذا نصر لنا نحن الشعب الفلسطيني، ونشكر كل من ساهم في إنجاح الصفقة وعلى رأسهم سيادة الرئيس›. وفي الوقت الذي أصرت فيه إسرائيل، خلال مفاوضات صفقة التبادل، على إبعاد من يصفهم ب»أخطر الأسرى» من الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة إلى قطاع غزة والى الخارج؛ فإن إصرارها كان أكبر على إبعاد أحد أسرى قطاع غزة إلى الخارج، ورفضها المطلق أن يعود إلى منزله في قطاع غزة مثل بقية الأسرى، وذلك بعدما كان اسمه ضمن أسماء الأسرى الكبار الذين وضع عليهم جيش الاحتلال «الفيتو»، أمثال أحمد سعدات، ومروان البرغوثي، وحسن سلامة، وإبراهيم حامد، وعبدالله البرغوثي، وغيرهم. ومن بين المفرج عنهم الأسير الذي تعتبره إسرائيل من «أخطر الأسرى»، وأصرت خلال مفاوضاته على عدم شمله ضمن الصفقة وقد جمدت الصفقة أكثر من مرة من أجله، إلا أنها عادت وتراجعت عن ذلك وسمحت بالإفراج عنه إلى خارج القطاع وليس إلى منزله. إنه الأسير وليد عبدالهادي عقل (47 عامًا)، مدرس الرياضيات الهادئ وابن مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، الذي كان أحد مؤسسي أهم الأذرع العسكرية الفلسطينية خلال العقدين الماضيين، والذي تنسب إليه إسرائيل المسؤولية عن سلسلة هجمات فدائية أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود. عاد عقل وهو يعاني من مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم؛ حيث كانت حالته الصحية سيئة جدًّا وقد كان يتم نقله للمشفى بشكل متواصل. أم خالد عقل، زوجة المبعد وليد، والتي كانت تتوقع أن يصر الاحتلال على عدم الإفراج عن زوجها، تمكنت وابنها خالد من التوجه إلى تركيا لتكون في استقبال زوجها هناك بعد اعتقال دام تسع عشرة سنة. ومن ساحة الكتيبة في غزة تعهد القيادي في حماس الأسير المحرر يحيى السنوار عقب دخوله قطاع غزة عبر معبر رفح ظهر أمس بأنه سيعمل على إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين في سجون الاحتلال. وقال السنوار «سنعمل كل ما بوسعنا لإطلاق سراح جميع الأسرى في سجون الاحتلال وخاصة ذوي الأحكام العالية، مهما كلفنا ذلك من ثمن». وقدَّم شكره للفصائل التي كانت تأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وتمكنت من الاحتفاظ به منذ خمس سنوت. شاليط: حماس أحسنت معاملتي في المقابل أكد الاسير الإسرائيلي المفرج عنه جلعاد شاليط من قاعدة تل نوف خلال لقائه مع عائلته: «ان حماس عاملته بشكل جيد في الأسر كما شكر الجانب المصري على نجاحه في إتمام صفقة التبادل. والتقى الجندي شاليط بعائلته لأول مرة منذ أكثر من خمس سنوات في قاعدة تل نوف بعد نقله جوا من معبر كرم أبو سالم حيث أجريت له فحوص طبية. وفور وصوله إلى قاعدة تل نوف تم إلباس شاليط بزة عسكرية وتم رفع رتبته العسكرية, وكان في استقباله الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء ووزير الحرب وقادة الجيش, ومن هناك تم نقله جوا إلى بيته في متسبيه هيلا شمالا. وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي خلال مؤتمر صحفي في موقع كرم أبو سالم, أن جلعاد في طريقه إلى بيته بعد أكثر من خمس سنوات من الأسر بعدما عملت إسرائيل كل ما بوسعها من أجل إطلاق سراحه. وأضاف قائلا «ليس بعيدا عن هنا هوجمت الدبابة ووقع الحادث الذي هوجمت فيه الدبابة والذي أدى إلى مقتل جنديين واختطاف جلعاد وها نحن في نفس المكان, نعلن إعادة شاليط على يد قيادة المنطقة الجنوبية, ورئيس القسم الطبي في الجيش». وأكد شاليط، أن حركة حماس أحسنت معاملته خلال سنوات الأسر التي دامت خمس سنوات. وقال: «انا في صحة جيدة وأنا جلعاد شاليط وحماس أحسنت معالمتي خلال الأسر» معيباً على الحكومة تأخرها في العمل على إطلاق سراحه طوال هذه السنوات. واعتبر أن هذه لحظة حاسمة، وقال: «أشعر أنني في حالة جيدة وبصحة جيدة إنه أمر مثير أن أقابل كل هذا الكم من الناس الذين عملوا على تحريري من الأسر أشكرهم على ذلك». واشار إلى أنه تلقى نبأ الإفراج عنه قبل أسبوع (يوم توقيع الصفقة) مضيفاً أنه لا يستطيع وصف مشاعره في تلك اللحظات. وقال: «أمر مسيء أن تتأخر حكومتي في الإفراج عني طوال هذه المدة». ورأى أن نجاح مصر في إبرام الصفقة بعد الفشل السابق، يعود إلى علاقتها الجيدة مع حماس وإسرائيل وقال إنه سيروي لأصدقائه الكثير عن تجربته خلال السنوات الخمس الأخيرة. وعما إذا كان على استعداد أن يقود حملة لإطلاق سراح خمسة آلاف أسير فلسطيني لا يزالون في سجون الاحتلال قال شاليط «سوف أسعد إذا تم تحرير الأسرى الفلسطينيين جميعاً كي يتمكنوا من العودة مجدداً لأسرهم وعائلاتهم وأراضيهم». وأعرب عن أمله في الا يعود السجناء الامنيون الفلسطينيون المفرج عنهم الى معاداة إسرائيل وان تساعد الصفقة في التوصل الى السلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بدون مواجهة عسكرية وحروب. وأردف شاليط يقول انه مشتاق لافراد عائلته واصدقائه. وفي قرية متسبيه هيلا الجليلية حيث تستوطن عائلة شاليط عبر النشطاء في هيئة النضال للافراج عن جلعاد شاليط عن فرحتهم الكبيرة لدى ورود الصور الاولى للجندي المفرج عنه حيث انطلقوا بمسيرة تجوب الشارع الذي يقع فيه منزل العائلة وهم يرفعون الاعلام الاسرائيلية. ومن المنغصات التي اعلن عنها امس ما صرح به مصدر سياسي إسرائيلي رفيع أن الحصار البحري على قطاع غزة سيستمر حتى بعد الافراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليط. كما نفى المصدر ان تكون اسرائيل قد وافقت على تحسين ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في السجون الفلسطينية مؤكدا أن ما نشر بهذا الصدد عار عن الصحة تماما. وكان القيادي في حركة حماس محمود الزهار قد أكد أن صفقة التبادل تضم رفع الحصار المفروض على قطاع غزة. وأشار الى ان هذا الامر كان قد اتفق عليه عندما تولى الوسيط الالماني مهمة الوساطة بين اسرائيل وحماس, واعتبر الزهار ان هذا البند لا يزال ساري المفعول في الاتفاق الحالي. وأضاف ان صفقة شاليط تضم بنودا اخرى تخص تحسين ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.