لو رشّح حمار نفسه في انتخابات ما، هل ستصوّت له؟ إن كنت من أصحاب الشتائم، فقطعاً لست أقصد الأشخاص الذين تنعتهم بالحمير، بل أقصد بسؤالي الحمار بشحمه ولحمه، ففي مدينة فاران البلغارية قرر أحد الأحزاب ترشيح حمار لمنصب عُمدة المدينة، واللجنة العليا للانتخابات وافقت على الترشيح مبيّنة أنه لا مانع يمنع من ترشّح الحمار، والحزب الذي رشّح حماراً لمنصب العمدة وضح أن من أهم مواصفات مرشحهم هو أنه لا يكذب ولا يسرق وهذه الصفات العظيمة تكاد تكون كافية لأن يصعد بها نجم أي مرشّح خاصة في بلد لا يزال جالساً في قاعة انتظار بمحطة قطار التنمية. في مقابل هذا الحمار المتصف دوماً بالغباء يصف الدكتور غازي القصيبي في كتابه «الوزير المرافق» الرئيس الليبي السابق المختفي معمر القذافي بأنه حاد الذكاء!! وقد تبدو هذه الصفة غريبة لأول وهلة على رئيس أردى بلاده وجعلها متأخرة أربعين سنة عن دول العالم وهي تطفو على بحيرة من النفط،، ولكن مع الإمعان والتركيز بتبعاتها لدى مسؤول لا يُسأل ولا يُنتقد، يتفهم الشخص أن هذا القائد جعله ذكاؤه الحاد يتطلع لأبعد من حدود بلده وعمله ومهامه، يتطلع لأن يكون قائداً أممياً لا قائداً محلياً فانشغل مثلاً بدعم ثوار الشين فين (والذي قد لا يعلم البعض بالأساس هم فين) عن الاهتمام بأبسط نواحي الحياة في بلده، هذا المعمر قد تجد شبيهاً له في دولة مختلفة في منصب آخر مع اختلاف بسيط بالمعطيات كاختلاف مشروب الكولا من بلد لبلد اختلافاً بسيطاً لا يكاد يُذكر، هذا المسؤول القذافي حاد الذكاء يحمل طموحاً عالياً تجعل أرنبة انفه مرتفعة دوماً فلا يرى من يعملون بدائرته، ولا من يتضررون من خدماتها، بل يظن دوماً أن هذا المنصب الكبير هو أصغر عليه، وكلما مرّ يوم ضاق عليه كما يضيق الثوب على الطفل الذي ينمو يوماً بعد يوم، وترى هذا الشخص لو استمع لنقد أو لشكوى لرد بملء فيه ما يوافق كلمة القذافي الشهيرة من أنتم؟، إن هذه النسخة القذافية مع عدم تقديمها لشيء يُذكر إلا أنها حققت إنجازات باهرة بالبروبجاندا لذاتها وانشغلت بالكذب لكي تصل إلى أعلى منصب، وبالسرقة للوصول إلى أبعد نقطة ممكنة، إن السرقة عندها لن تكون فقط لإرضاء النزوات وتحقيق الرغبات بل تحقيق ما يقتضيه طموحها العالي بالسعي حثيثاً نحو أبعد النقاط، إنني أرثي لحال كل من يعمل تحت ظل مسؤول حاد الذكاء أو ينتظر خدمات جهة ما يقدِّمها ذلك المسؤول القذافي، لأن اليأس قد يبلغ مبلغه بحال ذلك الشخص حتى يدفعه لأن يختار الحمار ويرشّحه ويراه الخيار الأنجع. [email protected]