قد تكون مهنة بائع الخضار من المهن الشاقة والمتعبة .. لكن فيها من الأرباح المادية الشيء الكثير، فهي لا تحتاج لمن يريد أن يمتهنها إلا العزيمة والإصرار وعدم اليأس، كذلك فهي ليست مقتصرة على سن معين أو فئة معينة، والزائر لسوق الخضار المركزي في الدمام يلاحظ ذلك بوضوح، حيث ترى من أفنى جل عمره في البيع والشراء، وكذلك ترى من الشباب من يملك المؤهلات العالية التي تمكنه من الالتحاق بأكبر الشركات ولكنهم توجهوا إلى مهنة بائع الخضار، وحول هذه المهنة بكل ما فيها يحدثنا بائع الخضار يوسف الخضر 72 عاماً وهو يعمل في السوق منذ ما يقارب 25 عاماً متنقلاً ببضاعته هنا وهناك، فيقول:» مهنة البيع والشراء في سوق الخضار، والوقوف تحت أشعة الشمس وفي الرطوبة من أجل البيع من المهن الشاقة والمتعبة، وعلى ذلك فقد اعتادت أجسامنا على ذلك بعد هذه السنوات الطويلة، وأصبحنا لا نشعر بصعوبتها، وعلى أي حال عندما يريد أي شخص أن يمتهنها ينبغي له أن يضع في حسابه هذه الظروف، وما يجعلنا متمسكين فيها أن الأرباح التي نجنيها فيها من الشيء الوفير، لأنها مهنة تشعر من خلالها بأنك تعمل بجد واجتهاد. ولقد أصبحت هذه المهنة ليست للتسلية بالنسبة لبعض الأشخاص من كبار السن ممن أحيلوا إلى التقاعد، والذين يأتون من أجل مضيعة الوقت أو كذلك العمالة الأجنبية المنتشرة، فهناك عدد لا بأس به من الشباب الباعة ممن يملكون بسطات في السوق ولديهم مؤهلات عالية يعملون من دون تذمر أو استعلاء وذلك بعد أن يئسوا من البحث عن وظائف لهم، حيث تجدهم منذ الصباح الباكر، ينتظرون بدأ الحراج كي يشتروا ليبدؤوا يومهم بالبيع على الزبائن، وكذلك فإن هناك شابا لديه بسطة في السوق منذ ما يقارب 8 أشهر، وأعتبره أنموذجا للشباب الطموح .. فقد كان من الطلاب المبتعثين وحاصل على درجة الماجستير من إحدى الجامعات الأجنبية تخصص تسويق، حدته ظروفه للعمل بائعا للخضار عندما لم يجد له وظيفة مناسبة، و تصل أرباحه يوميا ما بين 250 الى 300 ريال»، أما محمد العبدالله بكالوريوس آداب فهو يعمل في السوق منذ ما يقارب من 8 سنوات ويقول :» أنا مثل بقية الباعة أبدأ يومي في السوق مع بزوغ الفجر، وذلك كي لا يفوتني الحراج والذي يبدأ بعد صلاة الفجر مباشرة، فأشتري بضاعتي من تجار الجملة الذين يتوافدون إلى السوق بشكل يومي، حيث تصل قيمة البضاعة التي أشتريها يومياً بنحو ألف ريال، أما الدخل اليومي الذي أربحه فيكون ما بين 100 ريال إلى 150 ريالا، وأحرص على بيعها بالكامل قبل مغيب الشمس وذلك خوفاً من أن تتلف، ولقد امتهنت هذه المهنة بعد أن يئست من انتظار التعيين، فقد أنهيت دراستي الجامعية منذ ما يقارب 10 أعوام .. وتنقلت في العديد من الشركات برواتب شهرية زهيدة، وعندما وجدت أن الوظيفة الحكومية بعيدة المنال و أن العمل في القطاع الخاص متعب .. قررت أن أستغل بنفسي وأبدأ العمل في بيع الخضرة، وهذا ما حصل، وأنا حالياً لدي 3 من الشباب السعودي يعملون معي برواتب شهرية «. ويشير العبدالله في حديثه:» أن السوق يعج بالفوضى، وذلك بسبب العمالة الاجنبية المنتشرة، كذلك مراقبي البلدية يحاولون أن يزيدوا من الخناق على الباعة السعوديين وذلك بفرض غرامات مالية حتى على أبسط الامور، عكس العمالة الاجنبية تجدهم يتساهلون معهم في الكثير من الامور وهذا الشيء جعلهم يبسطون نفوذهم.