تعني المسؤولية الاجتماعية المنشودة للشركات : الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل. ويتوجب على الشركات أيا كان الهدف من إنشائها، سواء كانت هادفة للربح أم غير هادفة للربح، ضرورة المحافظة على أضلاع النجاح الثلاثة والمتمثلة بالنمو الاقتصادي والمساهمة بالتقدم الاجتماعي وحماية البيئة. إلا أننا نرى أن غياب المساءلة القانونية للشركات عند حدوث آثار سلبية على البيئة أو على المجتمع ناتجة عن بعض أنشطة الشركة، حتما سوف يخرج مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات من مضمونها. أي أننا نرى أن تحقيق المساءلة القانونية للشركات ضرورة ملحة لتعزيز الحس بالمسؤولية الاجتماعية للشركات. وسوف أُدلل على صدق ما ذهبت إليه في مقالي هذا بذكر بعض الممارسات التي ارتكبتها بعض الشركات والتي كانت لها انعكاسات وتبعات بيئية خطيرة، وذلك ليس على سبيل الحصر، وإنما على سبيل المثال. فالحادثة الأولى تتعلق بحادثة شركة بتروليوم البريطانية وما سببته من تلوث بيئي خطير لحق ببعض سواحل ومياه الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أننا قد تابعنا جميعا حجم التغطية الاعلامية والحقوقية الكبيرة للحادثة على جميع المستويات، غياب المساءلة القانونية للشركات عند حدوث آثار سلبية على البيئة أو على المجتمع ناتجة عن بعض أنشطة الشركة، سوف يخرج مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات من مضمونها، لذا فإن تحقيق هذا المبدأ أصبح ضرورة ملحة لتعزيز الحس بالمسؤولية الاجتماعية للشركات.وكذلك تابعنا جميعا سرعة تقديم اعتراف صريح ومباشر من قبل الشركة عن مسؤوليتها عن ذلك الخلل الذي أدى إلى تلك الآثار البيئية الكبيرة، كما تابعنا كذلك جميعا سرعة تدخل السلطات القانونية، وذلك من خلال اجبار الشركة بقوة القانون على تحمل تبعات الخلل الذي أحدثته، وعلى ضرورة إزالة تبعات ذلك الخلل!! وعلى ضوء التدخل السريع للسلطات القانونية ، سارعت الشركة البريطانية بإعلانها للحكومة الأمريكية أنها سوف تتحمل مجمل تكاليف تنظيف البقعة النفطية !! أما استشهادي الثاني فيتعلق بحادثة إحدى شركاتنا المحلية وما سببته من أضرار بيئية خطيرة. وذلك استنادا إلى نتائج الدراسة التي قام بها بعض الأساتذة السعوديين المعنيين بهموم البيئة، حيث ذكروا وجود تلوث بيئي كبير في البيئة المحيطة والقريبة من مقر أعمال الشركة، نتيجة تلوث التربة المحيطة بالعناصر الثقيلة، وبمعدلات عالية جدا تفوق تلك المعدلات المسموح بها عالميا، مما سوف يؤدي إلى إلحاق أضرار كبيرة ليس فقط بالحيوان والنبات والتربة، بل على الصحة العامة لسكان المنطقة المحيطة بمقر أعمال الشركة. وقد حذرت الدراسة من النتائج الخطيرة على البيئة والمجتمع وذلك إذا لم يتم تدارك هذا الأمر من خلال سرعة إيجاد الحلول الناجعة لهذه المشكلة البيئية الخطيرة. وبغض النظر عن الأسباب والعوامل الحقيقية التي أدت إلى نشوء هذه المشكلة البيئية المحلية الخطيرة، وكذلك المسببات التي قد تسوقها الشركة المعنية لتبرير ظهور المشكلة، إلا أننا نكاد نجزم بأن غياب المسؤولية الاجتماعية والمساءلة القانونية الفاعلة يظل أهم أسباب تلك المشكلة، إن لم يكن هو المسبب الوحيد !!! [email protected]