استكمالا لما تم التطرق إليه في المقال السابق، حيث أوضحنا أن المسؤولية الاجتماعية المنشودة للشركات تعني التزاما تاما ومستمرا من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل. ولذا فإنه من الأهمية بمكان ضرورة قيام الشركات، وبخاصة الشركات الهادفة للربح، بالتزاماتها المتعلقة بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية والبيئية على أكمل وجه، وأن لا يكون هدف تحقيق الربح على حساب بعض الأعمال التي قد يكون لها تبعات وانعكاسات غير قانونية وغير أخلاقية تؤثر على سلامة البيئة والصحة العامة للفرد والمجتمع، وذلك كتشغيل الأطفال ومن هم دون سن العمل، وكذلك عدم تحقيق المساواة في الأجور بين العاملين وعدم تحقيق وتوفير بيئة مناسبة وصحية تلائم ظروف العمل داخل الشركة. ولذا يتوجب على الشركات أيا كان الهدف من إنشائها، سواء كانت هادفة للربح أم غير هادفة للربح، ضرورة المحافظة على أضلاع النجاح الثلاثة والمتمثلة بالنمو الاقتصادي والمساهمة بالتقدم الاجتماعي وحماية البيئة. من الأهمية بمكان ضرورة قيام الشركات، وبخاصة الشركات الهادفة للربح، بالتزاماتها المتعلقة بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية والبيئية على أكمل وجه إلا أننا نرى أن غياب المساءلة القانونية للشركات عند حدوث آثار سلبية على البيئة أو على المجتمع ناتجة عن بعض أنشطة الشركة، حتما سوف يخرج مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات من مضمونها. أي أننا نرى أن تحقيق المساءلة القانونية للشركات ضرورة ملحة لتعزيز الحس بالمسؤولية الاجتماعية للشركات. وسوف أُدلل على صدق ما ذهبت إليه في مقالي هذا بذكر بعض الممارسات التي ارتكبتها بعض الشركات والتي كانت لها انعكاسات وتبعات بيئة خطيرة، وذلك ليس على سبيل الحصر، وإنما على سبيل المثال. فمثلا حادثة شركة بتروليوم البريطانية وما سببته من تلوث بيئي خطير لحق ببعض سواحل ومياه الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلا أننا تابعنا جميعا سرعة تدخل السلطات القانونية، وذلك من خلال إجبار الشركة بقوة القانون على تحمل تبعات الخلل الذي أحدثته، وعلى ضرورة إزالة تبعات ذلك الخلل!! وعلى ضوء التدخل السريع للسلطات القانونية، سارعت الشركة البريطانية بإعلانها للحكومة الأمريكية أنها سوف تتحمل مجمل تكاليف تنظيف البقعة النفطية!! ولكن مع الأسف الشديد فإن إحدى شركاتنا المحلية قد ارتكبت حادثة مشابهه أدت إلى أضرار خطيرة، ليس في البيئة المحيطة والقريبة من مقر أعمال الشركة، بل ألحقت أضراراً كبيرة بالحيوان والنبات والتربة، وكذلك بالصحة العامة للسكان، إلا أننا لاحظنا أن هناك صمتا تاما حيال ذلك!! فيا ترى ما هو السبب في ذلك؟!! الواقع أننا نكاد نجزم أن السبب الحقيقي يتمثل بغياب المسؤولية الاجتماعية من قبل تلك الشركة في تحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية والإنسانية من جهة، وكذاك غياب المساءلة القانونية الفاعلة من قبل الجهات الرقابية والإشرافية!!! [email protected]