تصنف الشركات والمؤسسات في العالم غالبا كبر حجمها أو صغره إلى نوعين: يسمى الصنف الأولى شركات الربحية أي تلك الشركات التي يكون هدفها الأساسي تعظيم ثروة الملاك من خلال تحقيق أعلى معدلات الربحية بغض النظر عن النواحي الاجتماعية والبيئية، بينما يسمى الصنف الثاني الشركات أو المؤسسات غير الهادفة للربح، أي تلك الشركات التي لا يكون هدفها الأساسي تحقيق الربح !! وبناء على هذا التصنيف، فإن التساؤل المطروح في هذا السياق هو كيف يمكن تفعيل مفهوم المسؤولية الاجتماعية لشركاتنا الوطنية؟! وهل يمكن تفعيل ذلك من خلال المكافأة أم من خلال المساءلة القانونية لتلك الشركات؟!! الواقع أن الدراسات والبحوث العلمية، وكذلك نتائج القضايا الحقوقية من مختلف دول العالم قد أوضحت أنه بغض النظر عن طبيعة تصنيف الشركة فإن غياب المساءلة القانونية يؤدي إلى عدم الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية، وأن غياب مفهوم المسؤولية الاجتماعية له تبعات وأبعاد مالية وغير مالية وذلك ليس فقط على مستوى الشركة المعنية والأفراد العاملين لديها والملاك، بل حتى على مستوى سلامة البيئة والصحة العامة!! ولذا فقد ظهرت على السطح جهود جبارة تدعو إلى ضرورة خلق بيئة عمل مناسبة وقادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم أجمع اليوم على مختلف الأصعدة الاقتصادية والتكنولوجية والحقوقية والاجتماعية. حيث يعد مفهوم «المسؤولية الاجتماعية للشركات» محور إنطلاق لتلك الجهود. الواقع أن هناك عدة تعاريف مختلفة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، ولكنها تختلف باختلاف وجهات النظر في تحديد شكل هذه المسؤولية المنشودة، حيث يرى البعض أن المسؤولية الاجتماعية تتمثل فقط بتذكير الشركات بأهمية مسؤولياتها وواجباتها تجاه عامليها وملاكها ومجتمعها الذي تنتمي إليه. حيث أثبتت النجاحات التي حققتها الاقتصادات المتقدمة أهمية الترابط بين تبني مفهوم المسؤولية الاجتماعية وتحقيق التنمية، ,وأنه لا يوجد تعارض في هذا المجال. ولذا توسعت هذه الاقتصاديات في أنشطتها الإنتاجية، لتشمل تبني هموم المجتمع والبيئة. وهو ما يسمى بمصطلح الأضلاع الثلاثة للنجاح، والتي عرّفها مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة وهي: النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة. وعليه فإن التساؤل المطروح في هذا السياق هو: ما تعريف المسؤولية الاجتماعية للشركات المنشودة؟؟ وكيف يمكن تطبيقها؟؟ الواقع أن هناك عدة تعاريف مختلفة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، ولكنها تختلف باختلاف وجهات النظر في تحديد شكل هذه المسؤولية المنشودة، حيث يرى البعض أن المسؤولية الاجتماعية تتمثل فقط بتذكير الشركات بأهمية مسؤولياتها وواجباتها تجاه عامليها وملاكها ومجتمعها الذي تنتمي إليه. بينما يرى البعض الآخر أن مقتضى هذه المسؤولية لا يتجاوز مجرد مبادرات اختيارية تقوم بها بعض الشركات من خلال مبادرات منفردة تجاه المجتمع. ويرى آخرون أنها صورة من صور الملاءمة الاجتماعية الواجبة على الشركات. إلا أن كل هذه الآراء تتفق من حيث مضمون هذا المفهوم. وقد عرف مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة المسؤولية الاجتماعية على أنها «الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل». ولذا فإن هناك أهمية قصوى للشركات للقيام بدورها المنشود فيما يتعلق بضرورة التزامها بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية والبيئية على أكمل وجه!! [email protected]