عصام ابو جمرا نائب رئيس الوزراء الأسبق ومؤسس التيار، تحدث ل«اليوم»، عن الجنرال والتيار والارتباطات الإقليمية للأحزاب في لبنان، والعقبات أمام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي و«صواعقها» الكهربائية والحزبية. وفيما يلي نص الحوار: اليوم: دولة الرئيس.. الى أين يسير لبنان ؟ في خضم ثورات الشعوب العربية على انظمتها لاسقاطها واسقاط الحكام الذين تولوا الحكم فيها منذ عشرات السنين ونكثوا بوعودهم في تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة، لبنان سائر بين النقط وزاد الوضع فيه احراجا ان لم نقل تأزما ، بعد ثورة الشعب في سوريا لاسقاط النظام. والسبب الأساس في الاحراج يعود إلى ارتباط بعض احزاب لبنان بدول المحاور الاقليمية ما يجعل مصير استقراره الداخلي مرتبطا بها وبما سيحصل لأنظمتها. لذلك نتمنى ان لا يسير بالاتجاه المعاكس بالنسبة لما يجري في سوريا. وهذا ما سبق ونبهنا منه مراراً وتكراراً عبر دعواتنا المتكررة لابتعاد الاحزاب عن الارتباطات الخارجية وابقاء تعامل لبنان مع الخارج من دولة الى دولة حفاظا على لبنان من التداعيات المحتملة سواء من الاختلاف بين دول المحاور او تداعي انظمة هذه الدول. ذكرت دولة الرئيس انك تقف وبشكل دائم وثابت مع السيادة والاستقلال لا مع التبعية كيف يمكن قراءة ذلك وهل تحول الجنرال عون وبشكل فج للمعسكر السوري سببا في ذلك؟ نعم منذ دخولنا المؤسسة العسكرية عام 1956حاربنا في سبيل السيادة والحرية والاستقلال بدأ بأحداث 1958 حتي حرب تموز عام 2006. وانشأنا التيار الوطني الحرّ على النضال من أجلها وتجمهرت الناس من حولنا على هذا المبدأ، ووقفت في وجه الأنظمة المستبدة التي حاربناها ونفينا وعدنا بعد 15 عاماً لا لشيء إنما لتطبيق شعاراتنا وترجمتها على أرض الواقع. وقد نجحنا مع غيرنا من الاحزاب الوطنية في تحرير لبنان من اسرائيل وجيشها عام 2000 وسوريا وجيشها عام 2005. لكن الخطر اليوم عاد من الانقسام الشيعي السني في محورين وانقسام الاحزاب اللبنانية بارتباطها بهذين المحورين ورئيس التيار العوني ذهب بعيدا بارتباطه باحداها حتى التبعية في الامور الداخلية والخارجية التي تناقض مبدأ السيادة الذي طالما بشرنا به ونشأنا عليه. لم يعد ربيع العلاقات بينكم وبين الجنرال عون مستمرا على الرغم من انك شخصيا كنت الابرز في تلك المنظومة وكنت الاكثر تأثيرا. وكنت الاقرب لعون خلال السنوات الماضية وحينما كنتم سوياً في المنفى؟ من المؤسف انه منذ عام 2009 تمادى حضرة العماد بتفرده في قيادة التيار وسيطر على نهجه منطق الاقطاع العائلي على المنطق المؤسساتي الذي نادينا به وسعينا وناضلنا لتحقيقه من أجل بناء مؤسسة حزبية تكون المثل الصالح لكل لبناني يطمح للعيش بكرامة. وقد رفضت هذا التمادي بمخالفة النظام في توزير حزبيين من خارج التيار على حساب التيار. والتحيز المذهبي بطلبه توزير اربعة وزراء موارنة وواحد ارمني مع اننا نادينا وننادي بابعاد الدين عن السياسة حتى العلمنة، وهذا أمر مؤسف لأن التيار بني على أساس وطني واستقطب السني والشيعي والدرزي وحتى العلوي كما استقطب كافة المذاهب المسيحية. وبعدها مخالفته النظام بعدم الدعوة لانتخاب الرئيس ونوابه والمنسقين وتفرده بتعيينهم. والاكثر استغرابا ما شاهدناه وسمعناه من حضرة الجنرال من منبر الرابية هذا الاسبوع حول حكم المحكمة العسكرية على العميد فايز كرم الذي صدر في الجو الانسب للبراءة التي تمنيناها !!. حيث الحكومة من 8 آذار ووزير العدل ووزير الدفاع من تكتل التغيير والاصلاح. ثم ما شاهدناه وسمعناه في مسرحية اقرار خطة الكهرباء حتى خيل لنا ان التيار صعق الجنرال والمحكمة قاضته. فبدد ما كان يفتخر به كوادر التيار من المبادئ والاصول في العمل الحزبي التي توحي بالاصلاح وتبشر بالنجاح. دولة الرئيس كيف ترون طرح مسألة تخلي الفلسطينيين عن سلاحهم داخل المخيمات وفتح المخيمات للأمن اللبناني بعد افتتاح السفارة الفلسطينية في بيروت؟ - اننا مع التحسينات الاجتماعية والمطالب الانسانية لاي مقيم على ارض لبنان وبصورة خاصة الاخوة اللاجئين الفلسطينيين، لكن قبل افتتاح السفارة الفلسطينية في لبنان، كان الافضل والاسلم تخليهم طوعا عن السلاح داخل المخيمات وخارجها، واعلانها مناطق مفتوحة لقوى الامن اللبنانية، ليصبح الامن فيها والدفاع عنها على مسؤولية هذه القوى. وهكذا وحتى تتم العودة، يصبح الفلسطينيون في كنف السلطة اللبنانية، يخضعون لقوانينها حقا تنفيذا لرغبة الرئيس الفلسطيني التي اعلنها من بيروت، ولا يكون افتتاح السفارة الفلسطينية تشريعا «لدولة اخرى»، في جزر امنية مسلحة مغلقة على ما فيها في لبنان. كيف ترون موقف حزب الله من المحكمة الدولية ومن القرار الاتهامي وتداعيات عدم تسليم المتهمين للمحكمة؟ العدالة تفرض نفسها خاصة اذا كانت باحكامها تستند الى قرائن واقعية مقنعة. وحق حزب الله ان يدافع عن عناصره المتهمين بالجريمة، غيابا او بالحضور، واذا استطاع تبرئتهم بالقانون يكون قد زاد من قدرته في اثبات دوره بامتياز كمقاومة للعدو الاسرائيلي. وفي قبول العدالة للانتقال الى المصالحة الوطنية في لبنان على اساس الحقيقة مهما كانت ابعادها. لكننا اليوم نعيش مرحلة مفصلية ونترقب إن كان حزب الله سينجح في فرض موقف رفض المحكمة وتمويلها أم أن الرئيس ميقاتي سيستطيع إقناع الحزب بضرورة عدم تعريض لبنان للعقوبات التي لا يعرف كيف تبدأ ولا كيف تنتهي، أعتقد أنها معضلة أساسية تهدد الحكومة وهي صاعق تفجير إضافة إلى صاعق الكهرباء العابر الذي يهدد هذه الحكومة. كيف انعكست الثورات العربية على الاوضاع في لبنان؟ الحكم في لبنان برلماني ديمقراطي حر بكل ما للكلمة من معني وهو بانتظار تنظيم الحكم واستقراره في الدول العربية التي قامت فيها ثورات لاعادة العلاقات الرسمية الى مجاريها. لكن احزاب لبنان تأثرت بالنسبة للدول التي تتعاطف او ترتبط بها سياسيا وبالتالي إن اوضاعها داخليا ستتأثر بنتائج الثورات فيها، وبصورة خاصة في سوريا الاقرب اليها والاكثر تفاعلا معها.