أقرّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» بوجود ضغوط أمريكية لمنع التوجّه إلى الأممالمتحدة الشهر المقبل من أجل نيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف. وقال أبومازن في حديث مع صحيفة «الدستور» الأردنية نشرته الأحد «هناك بالفعل ضغوط أمريكية تمارس علينا كي لا نذهب للأمم المتحدة.. وهذه الضغوط لا تمارس علينا فقط بل على دول أخرى، ولكن في نهاية المطاف ثمة مصلحة فلسطينية عُليا نريد اتباعها». وأضاف: «لا نريد أن نصطدم بأمريكا أو نحاربها لأننا لسنا مؤهلين لمثل هذه المواجهة ولكننا نبحث عن مصلحة فى نهاية المطاف»، مشيراً إلى أن هناك تحذيرات أمريكية بقطع المعونات سواء تم الذهاب إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتابع: نحن نعيش فى أزمة حقيقية ليس فقط بسبب التهديد بقطع المساعدات الأمريكية وإنما بسبب غياب العديد من المساعدات العربية، متسائلاً: لماذا لا تلتزم الدول العربية بالدعم المالي للسلطة الفلسطينية بينما تدفع أمريكا أكثر من 570 مليون دولار سنوياً؟!، وقال «إنه عندما تدفع أوروبا أو اليابان أو الصين وتتخلف بعض الدول العربية أتساءل بحسرة.. لماذا؟!. وأشار إلى أن الخيار الأنسب هو ما ذكرته لجنة المتابعة العربية في اجتماعها الأخير فى الدوحة والذي قالت: «إنه لا بد من الذهاب إلى الأممالمتحدة من أجل الحصول على دولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية وعاصمتها القدس الشريف على أساس حدود 1967»، معتبراً أن ذلك هو الحل الأفضل. وقال أبو مازن: إننا نريد الذهاب إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة لأن المفاوضات أغلقت أبوابها، وإذا فتحت أبواب المفاوضات بشروط نحن نقبلها فالمفاوضات أولى، أما الآن فالخيار هو مجلس الأمن بعد أن أغلقت أبواب التفاوض». وأشار إلى أن عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية حتى الآن بلغ 122 دولة وربما تصبح قريباً 128 دولة من أصل 193 دولة، وعندها سيكون لدينا اعتراف بحدود الثلثين. ورداً على سؤال حول الرؤية الأمريكية بأن المفاوضات هى وحدها التي ستؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» نحن معهم لأن طريق المفاوضات هو الصحيح، ولكن أين هي المفاوضات؟.. لقد حاولنا منذ سبتمبر الماضي عندما دعينا إلى واشنطن وشرم الشيخ والقدس من أجل استئناف المفاوضات وأمضينا ساعات طويلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من أجل التفاوض إلا أننا نحن والأمريكيون، إضافة إلى مصر والأردن فشلنا في إقناع نتانياهو بالعودة إلى طاولة التفاوض». وأضاف: «الأمريكيون لم يقدّموا لنا أي شيء ولذلك فإن طريقنا إلى الأممالمتحدة لا يوجد غيره حتى هذه اللحظة». وحول الدعوات بضرورة وحدة الصف الفلسطيني المنقسم حالياً قبل إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة في ظل وجود سلطتين في الضفة الغربيةوغزة، قال أبو مازن: «نحن حاربنا ولا نزال نحارب الحصار على غزة»، مؤكداً أنه لا يوجد سوى سلطة واحدة لأن سلطة حماس ليست شرعية ومع ذلك هناك مصالحة فلسطينية بدأت وتعرقلت قليلاً لكنها ستسير حتى النهاية. وأضاف: «هناك ملفات تُبحث الآن بيننا وبين وحماس وهناك ملفات أُجلت قليلاً»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه لا توجد اعتراضات لدى حماس بشأن الذهاب إلى الأممالمتحدة. ونفى أبومازن وجود ضغوط خارجية تمارس عليه لعدم إنهاء ملف المصالحة الفلسطينية وقال: «أنا شخصياً لا توجد على أية ضغوط وإذا وجدت فإننى لن أقبلها وسأرفضها رفضاً قاطعاً»، إلا أنه أضاف قائلاً: «بالفعل حصلت بعض الضغوط من قبل إسرائيل وأمريكا وهذا معروف ومعلن إلا أننا قلنا لهم إن حماس جزء لا يتجزّأ من الشعب الفلسطيني ولذلك عندما نتصالح فإننا نتصالح مع أنفسنا ولا أحد من حقه أن يتدخل». وأكد أبو مازن جدوى الحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وقال: «ستكون هناك دولة تحت الاحتلال.. فالإسرائيليون يتعاملون معنا الآن على أننا لسنا دولة وأن الأرض الفلسطينية أرض مختلف عليها.. ولكن عندما يأتى اعتراف دولي بدولتنا على حدود عام 1967 فإننا نصبح دولة تحت الاحتلال وبالتالي ستكون مرجعيتنا الأممالمتحدة وسنناقش قضايانا هناك حسب المادة الرابعة من ميثاق جنيف». واستدرك بالقول «إذن نحن سنبقى تحت الاحتلال ولكن الصيغة القانونية لوضعنا ستتغير وبالطبع ستبقى إسرائيل تمارس كل ضغوطها من أجل أن توقف نمونا كما تفعل الآن». ورداً على سؤال حول علاقة الدولة الفلسطينية المنتظرة بالشتات الفلسطيني وما إذا كان مسموحاً لهم العيش بحرية داخل الدولة؟، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» «نحن نريد حل مشكلة الشتات، فلدينا الآن نحو 5 ملايين فلسطيني لاجئ، ونطالب دائماً بوضع هذا الملف على الطاولة خاصة أنه أحد القضايا الأساسية التي ثبتت في أوسلو إضافة إلى القدس والمستوطنات واللاجئين والأمن والمياه وغيرها». وأضاف: «الخلاف بيننا وبين الإسرائيليين أنهم لا يريدون أن يبحثوا هذا الملف ونحن نقول لهم إنه يجب بحث هذا الملف على أساس الشرعية الدولية». وأكد «نحن لن نقبل أي حل لا ينسجم مع الشرعية الدولية ولا يقول إن حدود الدولة الفلسطينية هي حدود عام 1967 أو أي حل لمشكلة اللاجئين ما لم يوضع على الطاولة وهذا ينطبق على الملفات الأخرى كالأمن والمياه وغيرها». وردا على سؤال عما إذا كان خيار إشعال الانتفاضة الثالثة يأتي ضمن أدوات الحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، قال أبو مازن: «نحن لن نقبل إطلاقاً اندلاع انتفاضة مسلحة، وما دمت رئيساً للسلطة الفلسطينية فلن أقبل بانتفاضة مسلحة»، معرباً عن اعتقاده بأن هناك شبه إجماع فلسطيني على ضرورة التهدئة، مشيراً إلى مسارعة الفصائل الفلسطينية جميعها إلى طلب التهدئة في الأيام الماضية عندما وقع اعتداء على غزة وسيناء عقب عملية إيلات الأخيرة، غير أنه أكد تأييده للمظاهرات السلمية والفعاليات الشعبية السلمية في كل مكان في فلسطين. وحول رؤيته لعملية إيلات الأخيرة داخل إسرائيل، أعرب الرئيس الفلسطيني عن اعتقاده بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو هو من استفاد من هذه العملية بالكامل، وقال «إن نتانياهو كان عرضة لما يسمونه «الربيع اليهودي» حيث خرجت مظاهرات في كل المدن الإسرائيلية تطالب بمظاهر محددة لا أدري ما هي نهايتها، وكان متوقعاً أن تخرج السبت قبل الماضي مظاهرة مليونية كما تسمى ولكن بعد هذه الأحداث توحد المجتمع الإسرائيلي وقال لا لهذه المظاهرات لأننا نتعرض للخطر». ورداً على سؤال عما إذا كان سقوط الرئيس السابق حسني مبارك قد أثر على المواقف الفلسطينية إقليمياً ودولياً، قال أبو مازن «بقاء الرئيس مبارك أو ذهابه شأن مصري، ولكن تاريخياً كان النظام المصري معنا يؤيدنا ويدعمنا وليس صحيحاً أنه كان عقبة في أي طريق وبالذات في طريق المصالحة، حيث يقول البعض إن نظام مبارك هو الذي كان يعطل المصالحة وهذا كلام عار عن الصحة، وما عدا ذلك فما ذهب إليه الشعب المصري هو شأن للشعب المصري». وتابع: نحن متفائلون بأن أي ديمقراطية وأي حرية مفيدة لكل الناس بمن فيهم نحن، ولكن نحن لا نتدخل ولا نقول رأياً محدداً فيما يجري الآن في بعض الدول العربية، ومنذ أن انطلقنا عام 1965 كان شعارنا عدم التدخّل في الشئون الداخلية للدول العربية».