إنني لا أكاد أفهم.. أن مجمل الأمر كله يتلخص في محاولة تعسة لأرى ما ترون وليس أكثر، لقد شعرت مثلكم بكل الوهج والإشعاع والنار تصعد من داخلي وتتساقط كلمات من فمي وقلبي ولست «أنا» الذي أتكلم.. إنني في الحقيقة الصامت الأبدي الذي لا يستطيع- رغم كل الشوق في داخله وكل الحب- أن يعبر عما يكتظ في نفسي لقد دخل الضوء أخيرا وأفزعني.. لماذا كل هذا الاهتمام والتليفونات والكلمات المدبجة بالمجاملات.. وما الذي حدث؟ إنني ما زلت أواصل الهذيان.. والناس هي الناس والأرض هي الأرض وكل النوافذ مشرعة على السماء والنجوم.. والبحر والقمر والعديد من قوافل البؤس تمر أمام عيني وأعينكم وكلنا نرى ونسمع ونحكي ولم نكف قط عن معاشرة البؤس والألم.. وقد احتفظت طوال هذه السنوات بتلك الهيئة المرحة والضاحكة.. فلماذا تريدون مني أن أبكي؟ وهل هذا الاهتمام الزائف سيمنحني مدا أو يصبغ علي مظهر التعالي؟ لقد شممت رائحة الشياط والحريق ورائحة الطين والربيع والفل وملوحة الشواطئ وعرق التعب في كل الأزمنة.. وحتى اختياراتي لتلك الأوراق الميتة ما كانت تدفعني إلى السطح ليراني أحد.. فكيف أصبحتم في هذه الأيام ترون وتبصرون وتعرفون أن وجهي هو وجهي إنني لا أكاد أفهم.. أن مجمل الأمر كله يتلخص في محاولة تعسة لأرى ما ترون وليس أكثر، لقد شعرت مثلكم بكل الوهج والإشعاع والنار تصعد من داخلي وتتساقط كلمات من فمي وقلبي ولست «أنا» الذي أتكلم.. إنني في الحقيقة الصامت الأبدي الذي لا يستطيع- رغم كل الشوق في داخله وكل الحب- أن يعبر عما يكتظ في نفسي.. إنني المقتول على بوابة «الفضح» قبل أن أدخلها.. وأجدني زوبعة اضطراب وألم.. ومن حقي أن أرى بعض الأمور عارية وهذا هو سر تعبي.. ولكن ما الجديد في كل هذا لا شيء إطلاقا لقد شعرت وفي أوقات متفرقة بغيبوبة اليأس وساعات الاختناق المريرة القاتلة وكنت المعاد عنوة عبر زمني وأيامي والعذاب لم يغير وجهه.. لقد شممت رائحة الشياط والحريق ورائحة الطين والربيع والفل وملوحة الشواطئ وعرق التعب في كل الأزمنة.. وحتى اختياراتي لتلك الأوراق الميتة ما كانت تدفعني إلى السطح ليراني أحد.. فكيف أصبحتم في هذه الأيام ترون وتبصرون وتعرفون أن وجهي هو وجهي.. فأين كنتم طوال هذه السنوات العجاف؟ صدقوني «أنا» لا يعنيني اليوم اهتمامكم ولا ثناءكم ولا حتى رسائلكم فقط دعوني أنم وأحلم وأهذِ لا أكثر.. ولا أزيد..