ما يجري في سوريا كان يتطلب موقفا حاسما وحازما تماما كما صدر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس الأول، فهناك جانب أخلاقي في مجريات الأحداث السورية يتطلب مثل تلك الرسائل التي وجهها خادم الحرمين الشريفين للنظام السوري، فقد تم منحه الوقت الكافي لتعديل مساره وتحقيق إصلاحات نوعية في التعامل مع حركة الشارع، غير أن السلبية التي مارسها النظام تجاه شعبه أصبحت تحصد الضحايا يوميا بالعشرات، وفاض الكيل من أي أمل في إصلاح حقيقي، وذلك كفيل بإرهاق أي تسامح مع النظام أو الصبر عليه لتغيير الوضع لديه بطريقة سياسية متوازنة. لقد أرهق النظام السوري ضمير العالم وهو يتابع تعاطيه مع المظاهرات الشعبية، دون أن يصل لقناعة بأن الحل الأمني لا يمكن أن ينتهي بالأحداث الى نتيجة آمنة تجنب الشعب الأعزل ويلات الموت برصاص القناصة ونيران المدفعية والدبابات وكأن الشعب هو العدو وليس هناك من يستوجب توجيه تلك النيران اليه، وهنا تنتفي الحكمة، فتجارب الحلول الأمنية غير مجدية ومعطلة لأي دور اخلاقي في معالجة الأزمات، وقد استنفد النظام الوقت لتغيير مساره وتصحيح وضعه، فكان لا بد من التدخل وفقا لمبدأ لكل فعل رد فعل، فجاء خطاب خادم الحرمين الشريفين وهو يحمل امانة الموقف العربي والإسلامي لحماية المدنيين من نظام أفرط في استخدام القوة ضد العزل. الوضع اتجه بالفعل الى الخيارين اللذين أشار اليهما الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خطابه التاريخي «مستقبل سوريا بين خيارين إما الحكمة أو الفوضى» وقد اتبع الملك القول بالفعل حين أعلن استدعاء السفير السعودي في سوريا للتشاور حول تداعيات الأزمة هناك، وذلك في العرف السياسي يعني احتجاجا يرقى لقطع العلاقات يفسره المضمون الملكي بقول خادم الحرمين الشريفين «ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية، وأن الحدث أكبر من أن تبرره الأسباب». مشاهد القتل اليومي أصبحت مزعجة الى الحد الذي يفل حبال الصبر على تغيير سلوك النظام السوري الذي أصبح ثقيلا على الضمير الإنساني بما يقوم به من عمليات قتل منهجية لو استمرت على وضعها لأصبحت سوريا كلها مقبرة كبيرة لشعبها بحسب الوتيرة الدموية الحالية، ولذلك فعندما ينتهي خادم الحرمين الشريفين الى هذا الخطاب فذلك يأتي انطلاقا من مسؤولياته الإنسانية والعربية والإسلاميةمشاهد القتل اليومي أصبحت مزعجة الى الحد الذي يفل حبال الصبر على تغيير سلوك النظام السوري الذي أصبح ثقيلا على الضمير الإنساني بما يقوم به من عمليات قتل منهجية لو استمرت على وضعها لأصبحت سوريا كلها مقبرة كبيرة لشعبها بحسب الوتيرة الدموية الحالية، ولذلك فعندما ينتهي خادم الحرمين الشريفين الى هذا الخطاب فذلك يأتي انطلاقا من مسؤولياته الإنسانية والعربية والإسلامية، وتعني كفاية فقد انتهى الوقت بانتهاء الصبر على المجازر التي تفتك بأبناء الشعب السوري، وكان ذلك واضحا في قول المليك إن تداعيات الأحداث التي تمر بها الشقيقة سوريا والتي نتج عنها تساقط أعداد كبيرة من الشهداء الذين اريقت دماؤهم واعداد أخرى من الجرحى والمصابين ويعلم الجميع أن كل عاقل عربياً ومسلما أو غيرهما يدرك أن ذلك ليس من الدين ولا من القيم ولا الاخلاق. لقد وضع الوضع القائم جميع الأمة في حرج من سلوك غير أخلاقي لا يمكن القبول به أو التسامح معه، فبحسب خطاب خادم الحرمين الشريفين فإن إراقة دماء الأبرياء لأي أسباب ومبررات كانت لن تجد لها مدخلاً مطمئناً يستطيع فيه العرب والمسلمون والعالم أجمع أن يروا من خلالها بارقة أمل إلا بتفعيل الحكمة لدى القيادة السورية وتصديها لدورها التاريخي في مفترق طرق الله أعلم اين تؤدي اليه. ويؤكد الملك عبدالله بوضوح أن ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية فالحدث أكبر من أن تبرره الأسباب بل يمكن للقيادة السورية تفعيل اصلاحات شاملة سريعة، وذلك يفسر الواجب الأخوي العميق للمملكة تجاه سوريا حين يشير خادم الحرمين الى أن سوريا الشقيقة تعلم مواقف المملكة معها في الماضي واليوم تقف المملكة تجاه مسؤولياتها التاريخية نحو اشقائها مطالبة بإيقاف آلة القتل وإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان، وطرح وتفعيل إصلاحات لا تغلفها الوعود بل يحققها الواقع ليستشعرها اخوتنا المواطنون في سوريا في حياتهم كرامة وعزة وكبرياء، وذلك يعني في الواقع وضع حد نهائي لحديث الموت اليومي في سوريا، فالتالي القادم في الطريق سيجرف معه النظام الذي كتب نهايته وانتهى عهده بعد كل هذه المأساوية التي جرعها للشعب الأعزل.