تعد ديون الحكومة الأمريكية التي تجاوزت 14 تريليون دولار أم الأزمات المالية، ويمكن أن تكون القشة التي تقصم ظهر الجمل. لم تنته الأزمة الاقتصادية العالمية، بل إن العالم يدخل في أزمة أخطر من الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008-2009 التي كان تأثيرها على القطاع الخاص وبعض الدول الضعيفة البنية الاقتصادية مثل ايسلاندا وباكستان واوكرنيا واليونان. أما اليوم فإن الأزمة الجديدة تهز الاقتصاد الأمريكي من خلال الديون المتراكمة التي بدورها تؤثر في الإنفاق الأمريكي والإنفاق في الدول الأخرى ذات العلاقة القوية به مثل اليابان والصين والسعودية. وستؤثر سياسات التقشف على استثمارات الحكومة في مجالات البحث والتطوير في المجال العسكري والذي تعتمد عليه شركات كبيرة مثل نورثروب وجنرال دايناميك وغيرها من الشركات المحركة للاقتصاد الأمريكي. إن رفع سقف الديون ليس الحل المناسب، لكنني أرى أهمية زيادة الضرائب على الشركات والدخول الفردية المرتفعة، لكن السياسيين في امريكا والممثلين بالحزبين الجمهوري والديموقراطي يلعبون لعبة الانتخابات الرئاسية القادمة، لذلك لن يحصل رفع للضرائب وانما خفض لإنفاق الحكومة التي تفاقمت ديونها في العشر سنوات الأولى من الألفية الثالثة. وهذا الدين يعادل دخل المملكة من البترول حسب السعر الحالي لمدة 47 سنة. إنه شيء خيالي، بل مخيف. وأتوقع أن استمرار الولاياتالمتحدة على هذا النمط من الإنفاق سيؤدي إلى انهيارها، وبالتالي تنهار معها اقتصادات تابعة أخرى. وستؤثر سياسات التقشف على استثمارات الحكومة في مجالات البحث والتطوير في المجال العسكري والذي تعتمد عليه شركات كبيرة. ولقد صعد سعر أوقية الذهب الى مستويات عالية، حيث وصل 1624 دولارا للأوقية. وهناك بعض المنظرين الذين يرون أن الولاياتالمتحدة تلعب لعبة خطيرة تهدف إلى إضعاف الدولار وضرب الصين والاتحاد الأوروبي لتصبح منتجاتها منافسة حول العالم، لكنني لا أعتقد أنها تستطيع موازنة مصالحها إذا انهارت دول شريكة اقتصادياً مثل الصين واليابان وألمانيا. وساهمت السياسة الخارجية الأمريكية في المشكلة الاقتصادية العالمية التي برزت في عام 2008 وأدت إلى انهيار العديد من المؤسسات المالية والصناعية في عدد من الدول الصناعية وبالذات في الولاياتالمتحدة التي شهدنا انهيار أكبر مؤسساتها العريقة والمعروف بليمان بروذرز الذي أفلس بعد 158 سنة. وبدلاً من أن تكون الحروب الخارجية مصدر دعم للاقتصاد الأمريكي فقد أصبحت العبء الثقيل على الحكومة والمواطن الأمريكي نتيجة فاتورة تمويلها وما ترتب عنها من ارتفاع في فاتورة الطاقة. ولقد توقع الاقتصاديون تعافي الاقتصاد العالمي وعلى وجه التحديد الاقتصاد الأمريكي بنهاية 2010 لينمو في الربع الأول من 2011 لكن بروز الديون الأمريكية على الساحة الاقتصادية العالمية زاد من شكوك دول العالم في قدرة الولاياتالمتحدةالأمريكية على الالتزام بسدادها في وقتها. ولقد أصبحت ديون الولاياتالمتحدةالأمريكية كابوساً مزعجاً للعالم، خاصة الدول المرتبطة بالاستثمار في الاقتصاد الأمريكي سواءً في سندات وصكوك الحكومة الأمريكية أو في الشركات الصناعية والمؤسسات المالية والعقارات.