توالت ردود الفعل السلبية والغاضبة على مسلسل «في حضرة الغياب»، الذي يعرض حاليا ويحكي سيرة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش الي حد المطالبة بوقف عرض المسلسل الذي وصف ب»المهزلة»، بل والتظاهر أمام مقر التلفزيون الفلسطيني في رام الله لوقفه. بالإضافة إلى ذلك، تتوالى الكتابات المعارضة للعمل الذي قام بإنتاجه وبطولته الممثل السوري، فراس إبراهيم، ومن إخراج نجدت أنزور. من جانبه اعتبر الممثل السوري فراس إبراهيم منتج وبطل مسلسل «في حضرة الغياب» الحملة التي بدأتها مؤسسة محمود درويش في مدينة رام الله الفلسطينية ضد المسلسل «حملة استباقية مفتعلة أسبابها سياسية وشخصية ولا علاقة لها بالعمل». وكانت مؤسسة محمود درويش قد قالت في بيان لها قبل يومين إنها تتبرأ من المسلسل الذي يعتبر إساءة للشاعر الراحل وصورته وحضوره في الوعي الثقافي العربي والإنساني وأنها أبلغت صناعه برأيها داعية إلى وقف عرضه حيث لم يلتزم صناعه بحقوق الملكية الفكرية. في المقابل أبلغ عدد من الكتاب والنقاد العرب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اعتراضهم على المسلسل فقالت الكاتبة الكويتية سعدية مفرح إنها ضد مسلسل عن درويش بتلك السرعة كونه لازال حاضرا في الوجدان القومي والشعري والإنساني حيث رحل قبل 3 سنوات فقط بينما هناك أسماء عدة كان يمكن تقديم أعمال عنها مثل أحمد شوقي وأبي القاسم الشابي وحافظ إبراهيم ونازك الملائكة وأمل دنقل ممن لم يتحمس المنتج لتقديمهم. واعتبرت مفرح مستوى المسلسل «مهلهلا» خاصة في حلقتيه الأولى والثانية اللتين توضحان أن العمل ضعيف ليس على صعيد الكتابة وحسب بل على صعيد اختيار الممثلين والتصوير ورغم أن نجدة أنزور مخرج جيد لكن المسلسل لا يبدو جيدا على الإطلاق ونستطيع بسهولة أن نقول إنه يهين محمود درويش بدلا من تكريمه.
وقال الكاتب والشاعر المصري ياسر الزيات إنه فوجئ بأخطاء في اللغة العربية في إلقاء بطل المسلسل لقصائد محمود درويش منذ الحلقة الأولى وهي وفق رأيه طامة كبرى لا يمكن تفويتها مستطردا كيف أمكن للمخرج أن يسمح بتلك الأخطاء في مسلسل عن واحد من أبرز شعراء العرب؟
واتفقت الشاعرة الجزائرية حنين عمر مع الرأي السابق قائلة إن بطل المسلسل ارتكب مجازر لغوية خلال إلقاء قصائد درويش التي أصر على تقديمها بصوته دون مراجعة أو تدقيق فيما يشكل إهانة حقيقية للغة العربية وللشعر العربي. وأضافت أن تعالي الأصوات بمعاداة المسلسل متعجلة لكنها منطقية. وأوضحت أنه «من غير المقبول أن يهان محمود درويش هكذا بأن يظهر للمشاهد العربي بشخصية لا علاقة لها به وأن يكون مسلسل يروي سيرته بهذا المستوى المتدني إذ نلاحظ ضعف السيناريو وسطحية الحوار وتفكك البنية الفنية كما أن القالب الرومانسي الذي أطر مسلسل نزار قباني سابقا لم يكن فكرة مناسبة للتعبير عن شاعر كدرويش الذي حمل قضية وطنه طوال حياته». وقال الناقد المصري محمد قناوي إنه وضع مسلسل»في حضرة الغياب» ضمن قائمة الأعمال الدرامية التي يحرص على متابعتها خلال زحام شهر رمضان لقيمة محمود درويش كشاعر والحياة الاجتماعية والسياسية التي عاش فيها «لكن مع انتهاء الحلقة الأولى أعترف أنني أصبت بصدمة كبيرة نتيجة الأحداث الملفقة والتمثيل المبالغ فيه حيث بدا واضحا أن الصبغة التجارية أوالدواعي الدرامية فرضت نفسها على كاتب السيناريو». واستنكر الكاتب اللبناني فادي عاكوم المستوى الذي ظهر عليه المسلسل في الحلقات الأولى قائلا «لا اعتقد أن العمل أتى بالقيمة التي توقعناها رغم أن الكثير من المشاركين فيه عايشوا محمود درويش خصوصا الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة» مشددا على أن تقديم درويش بهذه الطريقة التي وصفها بأنها «باهتة» تحط من قدره ومكانته. وأضاف أن الممثل الذي جسد شخصية درويش يشبه كل شيء إلا درويش . وكتب الناقد الاردني فخري صالح في الدستور الاردنيه: «لا تبشر الحلقات الأولى من مسلسل ‹في حضرة الغياب›، الذي يتناول سيرة الشاعر الكبير محمود درويش، بالخير. إنه منذ البدايات يمثل صدمة كبيرة لا لمحبي محمود درويش وأصدقائه فقط، بل لمتذوقي الشعر كذلك الذين استمعوا إلى شعر مخلخل الإيقاع محتشد بالأخطاء اللغوية على لسان الممثل السوري فراس إبراهيم.»