واحداً واحداً يتحرَّر أبنائيَ الآنَ من دفتر العائلة واحدا واحدا يقفزون على حاجز المستطيل الذي شَدَّهُمْ بين أضلاعِهِ القاتلة وطنٌ يتضاءلُ تعدادُ سُكَّانِهِ.. ثمَّ يمضون.. يمضون في شوط أيامِهِمْ.. لا متاعَ لهمْ غير أسمائِهِمْ وملامحَ يانعةٍ رصَّعوها ببعض ملامحيَ القاحلة وأنا واقفٌ في العراءِ يحرِّضُني الشوقُ أنْ أسألَ الريحَ عن خَبَرِ القافلة ولا صوتَ يرتدُّ.. لا صوتَ غير فحيح الدخان الذي يتصاعدُ من (عادم) الحافلة ينبتُ الآن ما بيننا حنظلُ الذكرياتِ وألمسُ في جسدي حفرةً من قديمِ صراخاتِهِمْ.. ثمَّ أمضي أجوس الفراغَ الذي خَلَّفوه وأذكرُهُمْ كوكباً كوكباً يَتَدَلَّونَ من هالة السَّعدِ في راحةِ القابلة وأرمي إلى صنمِ الوقتِ جمرةَ هذا السؤالِ: ألا يتبقَّى معي كوكبٌ كي يؤانسني في ظلامِ مَجَرَّتِيَ الآفلة؟! فلا بُدَّ من ساعةٍ يخلعُ الذئبُ فيها مخالبَهُ ويراقصُ أطفالَهُ في العراءِ ويطوي عليهم سواعدَهُ الناحلة تجلسُ الذكرياتُ على دَكَّةِ القلبِ في صحوةٍ من عيون الحنينِ فيَفْجَئُني وَلَدٌ حَلَّ في صورتي واسمُهُ صادفَ اسمي.. يشابهُني مثل ختمٍ ويصغرُني في الشقاءِ (ثلاثينَ) زنبقةً ذابلة ولدٌ هاربٌ من يديَّ أرى في ملامحِهِ أَمَلاً لم أَعِشْهُ ولكنَّني أَتَذَكَّرُهُ مُذْ تنادتْ إلى اللهوِ أعضاؤُنا: اسمُهُ صادفَ اسمي.. يشابهُني مثل ختمٍ ويصغرُني في الشقاء(ثلاثينَ) زنبقةً ذابلة ولدٌ هاربٌ من يديَّ أرى في ملامحِهِ أَمَلاً لم أَعِشْهُ ولكنَّني أَتَذَكَّرُهُ مُذْ تنادتْ إلى اللهوِ أعضاؤُناكان يقطفُ أيامَهُ من حقول القُرَى ويجود بأسنانِهِ للضُّحَى.. وَلَدٌ لم يغادرْ ملامحَهُ منذ أنْ فَهْرَسَتْهُ الحياةُ على جدول العُمْرِ.. لم يتدحرجْ على نفسِهِ باتِّجاه التَّصَحُّرِ.. لم ينزلقْ خارج الوقتِ في لحظةٍ غافلة وَلَدٌ حَلَّ في صورتي واختفى عن عيون الزمانِ فما زال يسكنُ في سَهْلِهِ الوَرَقِيِّ ويزهو على مغزل الوقتِ خيطاً شديدَ الفُتُوَّةِ ما نَقَضَتْ غَزْلَهُ الغازلة ووحدي بقيتُ أصارعُ بالقهقهاتِ الصقيلةِ ذؤبانَ لحظتيَ الفاشلة أَعِدْني إلى الأمسِ يا أيُّها الولدُ المُتَحَصِّنُ بالحِبْرِ وامسحْ بكفَّيكَ عن وجنتيَّ تفاصيلَ معركةٍ كاملة ودَعْني هناك صبيًّا على نِيَّتي كلَّما نَبَتَتْ عشبةٌ في حديقةِ بيتي أضفتُ وليداً جديداً إلى دفتر العائلة