ظاهرة انتشار المخلفات الإنشائية لمواد البناء و الهدم في المساحات العمرانية الفارغة و على جوانب الطرق و الشوارع هي ظاهرة دخيلة على ثقافة و سلوكيات المجتمع المدني و الحضاري بالتزامن مع التسارع الملاحظ في زيادة عدد السكان والتصاعد في نسبة الاحتياجات من المباني و المشاريع الاستثمارية و السكنية , إن ترك أكوام من المخلفات الإنشائية يساهم في مشاكل و مخاطر اجتماعية واقتصادية و حضارية و صحية و بيئية. نقل لي أحد الأصدقاء من مدينة حفر الباطن استياء المواطنين من تواجد بعض « الحفر « الكبيرة في منطقه وادي فليج الواقعة بالقرب من المدينة الصناعية والأحياء السكنية الجديدة و التي أصبحت مستودعا و مكبا للمخلفات و النفايات بجميع أشكالها ؟ و السبب يعود إلى استخدامها في الأصل كمصدر لنقل و استخدام التراب في عملية الدفن و البناء .. المفارقة العجيبة أن بعضها تم دفنه و البعض الآخر لا زال يجسد واقع موضوع هذا الطرح , حيث يفترض أن يتم التعامل و بصفة عامة من خلال المعالجة « تدوير و إعادة استخدام هذه المخلفات « بغرض استخدامها في تصنيع مواد جديدة أو معادة التصنيع . فتشير التقديرات المبدئية لوكالة حماية البيئة الأمريكية إلى أن الكلفة المباشرة لأمراض مخلفات و ملوثات مواد البناء في حدود 30 مليار دولار سنويا أما فيما يخص « مخاطر الصحة البيئية « فتشير التقديرات المبدئية لوكالة حماية البيئة الأمريكية إلى أن الكلفة المباشرة لأمراض مخلفات و ملوثات مواد البناء في حدود 30 مليار دولار سنويا , والكلفة غير المباشرة تصل إلى أكثر من 100 مليار دولار من جراء تفاعل و تحلل طبيعة بعض مواد البناء و الأغبرة المصاحبة لها مع الهواء و الطبيعة . و حتى يمكن مواكبة طموح و تطلعات المجتمع لتوجه التخطيط الاستراتيجي و التنمية المستدامة , نذكر وفي عجالة تصورا عمليا مختصرا يفترض تحقق و توافر بعض التوجهات و المعطيات التالية : ( العمل على تطبيق وتنفيذ معايير و قياسات « العمارة و المباني الخضراء « الداخلية و الخارجية , التركيز على تفعيل « الجانب التدريبي « للمقاولين و شركات البناء و كوادرهم البشرية في طرق التعامل مع المخلفات و النفايات الإنشائية , و كذلك الإعداد و التهيئة لإعادة التدوير و الاستخدام , تشجيع و تحفيز المبادرات العملية في تناول و استخدام المشاريع و المواد الصديقة للبيئة , تفعيل طرق و أدوات و آلية عمل الإدارات المسئولة عن الرقابة و المتابعة الدورية لهذه المخالفات غير الحضارية , الربط الإداري بين ترخيص و تأهيل جميع المنظومات العاملة في البناء و الإنشاء من جهة مع مدى التزامها و تطبيقها للقياسات و المعايير المهنية في هذا الخصوص , تخصيص مواقع و مساحات خارج النطاق العمراني و السكني مناسبة من الجوانب البيئية و الصحية و الجمالية لاستقبال هذه المخلفات الإنشائية بحيث يتم التعامل المباشر و التخلص منها من خلال الأدوات العلمية المناسبة , استخدام « تطبيقات الربط الإلكتروني الموحد « بين مختلف الأمانات و البلديات و المجالس البلدية بالمملكة في التواصل و التفاعل و المتابعة لظاهرة مخلفات البناء . باحث و ناشط في البيئة و الصحة البيئية [email protected]