اختفت الغربة، وسط المشاعر الفيّاضة، وتلاشت الحدود والجغرافيا والطقس، لتشكّل مفهوماً لم يرتبط ب»فلوس» قدر ما ارتبط بواجبٍ، وبضمير، وبشعور لا إرادي، جرّ في طياته عمراً جديداً وكينونة أخرى.. تعلّمت قبل أن تُعلّم، استفادت قبل أن تفيد. نجح الزميل والصديق والأخ الأستاذ محمد الوعيل، في أن يجعل منها حكاية من نوعٍ مختلف. حكاية لم ترتبط بكونه رئيساً للتحرير فقط.. قدرَ ما ارتبطت بإعلاء القيمة الأولى التي نجحت في تغيير مسار الحياةِ بقصد أو دون قصد. نجح الوعيل باستفزازاته «المهنيّة» في أن يحوّل المخرج الصحفي، لاكتشاف المهنيّةِ داخله، واستطاع ب«حرفنة» أن يقلب حياته رأساً على عقب، لتبدأ الرحلة الحقيقية والأهم في حياتي.. وهذا ما أدين له بالفضل سراً وعلانية. طيلة قرابة ثلاثة عشر عاماً، وبمشاركة وإدارة الاخوة الأعزاء نواب رئيس التحرير، عتيق الخماس، وسليمان أبا حسين، ومحمد البكر استطعنا تقديم ما آمل أن يشفع بحسن العمل، وتحديداً من باكورة التطوير الأهم في 2005، حيث اتضحت المسيرة التي قدم فيها الزميل والصديق سليمان أبا حسين بالذات واحدة من أروع التجارب التي لا تنسى.. فكانت الغرفة الزجاجية الصغيرة، مستودعاً للجدل، تم فيها استنساخ مفردات طازجة، مثل «الشاشة» و« افرش» ولا يهدأ الصراخ حتى الاستقرار على عنوان أو صورة. سنوات امتلأت بالشغب، والخناق على الأفضل، شغب ينتهي بالارتياح عقب تحقيق ما نعتقد أنه المميز، وكان الصراع حول سلة المهملات يجلب الكثير من الغضب والاحتجاج، الذي غالبا ما ينتهي بابتسامة آخر النهار، وتنهيدة ارتياح عقب مطالعة البروفة الأولى. سنوات امتلأت بالشغب، والخناق على الأفضل، شغب ينتهي بالارتياح عقب تحقيق ما نعتقد أنه المميز، وكان الصراع حول سلة المهملات يجلب الكثير من الغضب والاحتجاج، الذي غالبا ما ينتهي بابتسامة آخر النهار، وتنهيدة ارتياح عقب مطالعة البروفة الأولى.من مجادلات مطلق العنزي الطويلة، إلى ابتسامة محمد السهلي، وتمرّد عبد الرؤوف الغزال، وضحكات عبد الرزاق السنوسي، وتحية الصباح اليومية «صباح الخير يا أطفال»، إلى اجتهادات فيصل الفريان، ومشاكسات أحمد سماحة، واعتراضات ياسر أبو العز.. كان يومنا يبدأ ولا ينتهي، إلا بحبّ يشهد بقيمة الانتماء لهذه الصحيفة ولهذا البلد.. انتماء أعتقد أنه لن يتكرر. لم تكن كلمات حفل الوداع الأخيرة مرثية للعمر الجميل، وللمكان الجميل، وللوجوه الجميلة، بقدر ما كانت تذكاراً يحمله المرء أنّى كان، ليضيء الروح أينما سار.. وليجعل من «اللمّة» الأسرية استمراراً لواحدة من أجمل القيم التي عشناها ونعيشها في (اليوم). أخيراً.. هنا القاهرة.. هنا الإسكندرية.. مثلما كانت هنا الدمّام.. هنا الرياض، هنا الخبر، والظهران والقطيف، ومكة المكرمة والمدينة المنورة وتبوك. هنا ومن على بعد أمتارٍ من شاطئ البحر الأبيض المتوسط، يبقى الحبّ مثلما كان في الدمام على ساحل الخليج العربي، مقيماً لكم، ووفيّاً لكم ومتواصلاً معكم.. بلا حدود أو نهاية. [email protected]