هذه الحشرات.. بضرباتها الموجعة.. في المجال الزراعي والصحي.. منها ضربات مسارب ضياع الأموال.. في مبيدات مخلّة بالتوازن البيئي.. وأيضا مضرّة بصحة الإنسان.. أكثر من ربع قرن.. والمبيدات تُسكب على الأرض.. لمحاربة سوسة النخيل الحمراء.. ولا مجال للقضاء عليها.. هل هذا نتيجة للتخبط والفوضى؟!.. هل هذا لصالح البعض؟!.. اليوم نواصل عرض رأي عالم الحشرات الدكتور خالد الهديب.. في خارطة الطريق التي يقترحها حول سوسة النخيل الحمراء. ** المحور الأول: سوء الإدارة: انتشار السوسة لم يكن بسبب طيرانها.. لا تستطيع الطيران لكيلو مترين.. كان وما زال نقل الفسائل وتداولها من غير رقيب هو السبب الأول.. هنا نجد أنفسنا نسلط الضوء على الخلل الأول في المكافحة.. وهو سوء الإدارة من أصحاب القرار.. في مواجهة المشكلة.. وعدم تفعيل دور الحجر الزراعي الداخلي والخارجي.. وكما تعلم أخي محمد.. من أكبر المشاكل التي تواجه العالم في حل أي مشكلة.. هو سوء الإدارة.. إدارة الكوارث والمشاكل أصبح علماً قائماً بذاته.. وليس خطابات الصادر والوارد حلاً للمشكلة.. انتهينا من عصر الكتاتيب.. ويجب إدارة مشكلاتنا.. بأسلوب علمي واستراتيجي.. يوفر القرار السريع. ** المحور الثاني: الإعلام: منذ بداية المشكلة.. يكاد يكون الإعلام مغيباً.. وتقصير الإعلام في هذه المشكلة يقع على وزارة الزراعة.. حيث تتحمّل مسؤولية التقصير.. فمنذ اكتشاف الحشرة.. كان هناك تكتم إعلامي على حشرة السوسة وخطرها.. مما أدى إلى ضعف وعي المزارعين والمهتمين بالنخيل.. كنتيجة.. تعامل الإعلام مع المشكلة بهمس في أذن أصم.. وغمز للأعمى. وبحكم تخصص سعادتكم.. تعلم مدى تأثير تكاتف جهود الإرشاد الزراعي مع الإعلام.. كجزء من الحل.. بهدف رفع مستوى الوعي لدى المزارعين. رجال الأعمال يملكون مزارع نخيل كبرى.. وكانت لهم مبادرات في المشاركة في مكافحة سوسة النخيل الحمراء.. من خلال الغرف التجارية خاصة في الرياض والأحساء.. لكنهم يُصدمون بعدم وضوح الرؤية من قبل وزارة الزراعة.. ** المحور الثالث: الشركات الزراعية: هذا المحور من الطرق الواسعة.. فالشركات الزراعية تعدّ أحد أعمدة الزراعة في المملكة.. لكنها ما زالت تغرد خارج السرب.. كأنها في كوكب آخر.. كأن أمر خطر السوسة لا يعنيها.. كيف هذا.. وهي تملك الكثير من الطاقات والإمكانات؟.. لا نتكلم عن مطبوعات أو معارض.. بل نتكلم عن تعاون حقيقي وبنّاء مع وزارة الزراعة في مكافحة السوسة.. لا بد لهذه الشركات بجانب رجال الإعمال.. القيام بخدمة المجتمع ومشاركته همومه.. هذه الشركات ضاعفت رؤوس أموالها.. وصرفت القليل في بعض الملصقات.. المطلوب من هذه الشركات أن تأخذ في اعتبارها أن هذه المشكلة احد أهم همومها.. الشركات تحتاج إلى وضوح في رؤية الدور المطلوب منها من قبل وزارة الزراعة.. هل سنقف مكتوفي الأيدي نتفرج.. حتى تتعطف علينا بالمشاركة في حل هذه المشكلة؟. ** المحور الرابع: رجال الأعمال: يملكون مزارع نخيل كبرى.. وكانت لهم مبادرات في المشاركة في مكافحة سوسة النخيل الحمراء.. من خلال الغرف التجارية خاصة في الرياض والأحساء.. لكنهم يُصدمون بعدم وضوح الرؤية من قبل وزارة الزراعة.. رجل الأعمال يفكّر بطريقة مختلفة عن خطابات الصادر والوارد.. رجل الأعمال سريع في اتخاذ القرار والتنفيذ.. فكثيراً ما تنتهي الاجتماعات بين الوزارة ورجال الأعمال بخسارة دعم للنخلة.. وربح جولة لسوسة النخيل.. يحتاج رجال الأعمال إلى برامج.. وخطط تنفيذية.. وأرقام واضحة.. وليس إلى خطابات ومسؤوليات مبعثرة. ** المحور الخامس: الجامعات ومراكز البحث العلمي: هناك محاولات بحثية.. ولكن كل مركز أو باحث يغني على ليلاه.. فقد تكرّر الكثير من الأبحاث.. وكانت أهدافها مختلفة عما خُطّط له.. بسبب عدم وجود إستراتيجية واضحة في مكافحة سوسة النخيل الحمراء.. والأمثلة على ذلك كثيرة كما تعلم سعادتكم.. فهناك فريقان بحثيان: الأول فريق من المنظمة العربية للتنمية الزراعية.. حيث بدأ بمشروع مكافحة حيوية لسوسة النخيل الحمراء في القطيف في الفترة بين عام (1997) وعام (2007).. والفريق الثاني من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في المشروع الوطني لمكافحة سوسة النخيل الحمراء بين عام (2001) و(2010).. الفريقان يعملان على الهدف نفسه.. والحشرة نفسها.. ما يقارب ست سنوات.. في منطقتين مختلفتين.. تبعدان عن بعضهما بنحو (400) كلم.. والعجيب أنه خلال تلك الفترة.. لم يتم أي نوع من الاتصال أو المشاركة منهم.. بل إنهم لا يعرفون عن بعض أي شيء.. فماذا نسمي هذا؟. ** ويستمر الحديث في المقال القادم.. حول هذا المحور الأخير.. بجانب تلميحات أخرى مهمة.. هناك بقايا أحلام نوردها.. ليس بهدف تحسين سلالات السوسة الحمراء.. ولكن لمنع الضرر على الإنسان والبيئة. [email protected]