يبدو لبنان من الخارج أكثر هدوءا من الدول المحيطة التي تتصارع فيها القوى الثورية مع أنظمة ممسكة بالحكم منذ عقود. ولكنه من الداخل ليس أقل غلياناً منها، بل قد تكون الأمور فيه مرشحه لتطورات متسارعة مع الوضع الحكومي الجديد، والقلق من انعكاسات الأزمة السورية، وترقب صدور القرار الاتهامي الدولي بقضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري. سعد الحريري فالحكومة التي أعلن تشكيلها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، بعد خمسة أشهر من التجاذب السياسي الذي أعقب إسقاط حكومة سعد الدين الحريري بضغط من القوى التي يقودها حزب الله، لم تعلن بيانها الوزاري بعد، وينتظر أن تواجهها تعقيدات في صياغة البنود المتعلقة بسلاح حزب الله، والمحكمة الدولية الخاصة بالحريري، وكذلك القرارات الدولية. أما المعارضة الجديدة، التي يقودها تيار الحريري نفسه بعد فقدانه الأكثرية النيابية بانشقاق مجموعة من النواب - بينهم ميقاتي نفسه - فتؤكد أنها مصرة على المواجهة الشاملة مع الحكومة الجديد التي تعتبرها صنيعة حزب الله وسوريا الراغبة بإمساك أوراق إقليمية، تتصور أنها تساعدها على مواجهة وضعها الداخلي. أما المعارضة الجديدة، التي يقودها تيار الحريري نفسه بعد فقدانه الأكثرية النيابية بانشقاق مجموعة من النواب - بينهم ميقاتي نفسه - فتؤكد أنها مصرة على المواجهة الشاملة مع الحكومة الجديد التي تعتبرها صنيعة حزب الله وسوريا الراغبة بإمساك أوراق إقليمية، تتصور أنها تساعدها على مواجهة وضعها الداخلي. وتعتبر المعارضة اللبنانية المكونة من قوى تحالف «14 آذار» أن تغيير الأكثرية النيابية لم ينتج عن تبدلات سياسية في مواقف القواعد الشعبية، بل نتيجة لاستخدام السلاح من قبل حزب الله في الداخل والضغط الخارجي من سوريا وإيران. بالمقابل، تقول الأكثرية الجديدة إن وصولها إلى السلطة يعبر عن اصطفاف جديد بالبلاد ناتج عن الشلل الذي أصاب حكومة الحريري من جهة، ورغبة بعض القوى في تبديل تحالفها مع «المحور الأمريكي»، وفق تعابيرهم، من جهة أخرى. وقد يجادل البعض بأن غياب الحريري لم يؤثر كثيراً بسبب الوضع الدستوري لتصريف الأعمال في لبنان، والذي يحول دون إصدار قرارات على قدر كبير من الأهمية، ولكن هناك من يشير إلى أن الغياب جاء في فترة سياسية حرجة إذ وقعت المواجهات عند الحدود مع إسرائيل في ذكرى «النكبة» جنوباً، بينما كانت العائلات السورية تتدفق نحو لبنان عبر الحدود الشمالية، لتزيد الغليان في الشارع السني الممتعض أساساً من طريقة إسقاط الحكومة. ولكن المتابعين يرون بأن هذا الغياب في الواقع هو أحد الأدلة على مدى التوتر في البلاد، فالحريري الذي اغتيل والده بانفجار في 14 فبراير 2005 بقلب بيروت، يواجه بدوره تهديدات أمنية كشفتها أكثر من وسيلة إعلام أجنبية. وفي هذا السياق، أكد النائب عمار حوري، عضو كتلة المستقبل البرلمانية التي يقودها الحريري بحسب «سي إن إن»، بأن الأخير يواجه مخاطر أمنية جدية تدفعه للبقاء خارج البلاد. وبالنسبة لموضوع تأثير غياب الحريري خلال مرحلة تصريف الأعمال اكتفى حوري بالقول بإن «القضية برمتها لم تعد مطروحة اليوم بعد إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة.» ولدى سؤاله حول ما يتردد عن صيغ تدرس لبند المحكمة الدولي في البيان الوزاري، بعد أن دعت عدة قوى في الأكثرية الجديدة، وخاصة حزب الله، إلى رفض المساهمة والتعاون معها باعتبارها ضمن «مشاريع دولية» تستهدفهم قال حوري: «من قام بالانقلاب في يناير بسبب المحكمة الدولية عينها سيحاول البحث عن خيارات لفظية تتعلق بصياغة موقف الحكومة منها، ولكننا نأمل بألا يقوموا بوضع لبنان في مواجهة الداخل والشرعية الدولية.» وكرر حوري توّعد الحكومة الجديدة ب»أيام صعبة» ستواجهها على يد المعارضة، ولكنه شدد على أن جميع التحركات التي تنوي قوى «14 آذار» القيام بها ستكون «تحت سقف الدستور،» دون استثناء الانتقال إلى الشارع.